42

Guía de los Visitantes a las Tumbas de los Justos

مرشد الزوار إلى قبور الأبرار

Editorial

الدار المصرية اللبنانية

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤١٥ هـ

Ubicación del editor

القاهرة

تبكى.. قال ذو النون: فدلّونى عليها.. فذهبت، فلما أشرفت على الوادى التى هى به، سمعت لها صوتا ضعيفا حزينا.. قال: فتتبّعته، فإذا أنا بجارية ما تكاد تبين من الجوع والنّحول، وهى جالسة على صخرة عظيمة، فسلمت عليها، فقالت: يا ذا النون، مالك وللمجانين؟! فقلت لها: أنت مجنونة؟! قالت: لم أكن كذلك، إنما نودى علّى بالجنون. فقال ذو النون: وما الذي جنّنك؟ قالت: يا ذا النون، حبّه «١» جنّنى، حبّه هيّمنى، ووجده أقلقنى. قال ذو النون: فقلت لها: يا جارية، وأين محلّ الشوق منك؟ قالت: يا ذا النون، الحب فى الحشا، والشوق فى الفؤاد، والوجد فى السر.. قال ذو النون: فقلت لها: يا جارية، قالت: لبيك.. قلت: الفؤاد فى القلب؟ قالت: نعم، الفؤاد نوره القلب، والسر نوره الفؤاد، فالقلب يحب، والفؤاد يشتاق، والسر يجد الحق.. قال ذو النون: فقلت لها: وكيف يجد الحق؟ قالت: يا ذا النون، وجدان الحق بلا كيف.. قال ذو النون: فقلت لها: أوصينى يا أمة الله بشىء أنتفع به.. فقالت: يا ذا النون، حبّ مولاك ولا تبتغ به بدلا.. قلت: زيدينى يرحمك الله.. قالت: يا ذا النون، إن قدرت أن تخطو إلى الآخرة خطوة فافعل ولو أدركك فى ذلك مشقة، فإن المنازل والدرجات لا يوصل إليها إلا بالمشقّات.. ثم قالت: يا ذا النون، إن كنت رجلا فى محبتك صادقا «٢»، وفى عشقك لسيدك واثقا «٣» فمت كما أموت.. ثم صرخت صرخة عظيمة وقالت: هذا موت الأخيار من المحبين الصادقين. فغشى عليها، ووقعت على وجهها، فتقدمت إليها، وحرّكتها، فإذا هى ميتة، فطلبت شيئا أحفر به «٤» قبرا، فلم أجد شيئا..

1 / 17