وقال: «نعم، نعم، أعتقد أننا تقاربنا بعض الشيء بما يسمح على الأقل بالاطلاع على ذلك الجانب جيدا. وأعتقد أنك إن بحثت في العالم بأسره فلن تستطيع أن تجد شخصا صغيرا أكثر منه أمانة ليصبح مساعدك في رعاية النحل.»
قال سيد النحل: «لا بأس إذن، هذا كل ما أردت معرفته. إن كان كل منكما يحب الآخر فحسب. إذا كنتما منسجمين معا. أردت فقط أن أعرف إن كنتما ستحافظان على ازدهار الحديقة وصحة النحل، إذا اضطررت إلى البقاء هنا وقتا طويلا، أو إذا تحسنت وكان علي الذهاب في رحلة طويلة جدا. إذا كنتما تدرسان الكتب باهتمام فستعلمان أن الأمر أشبه بحيلة؛ ستعلمان أنه ليس بالشيء الذي يستطيع أي أحد أن يفعله، الحفاظ على رخاء فدانين من النحل؛ لتظل الحياة فيهما مزدهرة.»
ثم اتجه بالحديث إلى جيمي مباشرة.
فقال: «ستأتيك أوقات يجب أن تستعين خلالها بمساعدة. وقد أخبرتك بالرجل المناسب حين جئتني هنا. إذا اتصلت بالسيد كاري وأخبرته بالظروف حين تجد أثناء الفحص أن الخلية الأخيرة من أحد القفائر قد امتلأت، وأن النحل صار مضطربا، فسيأتي ويساعدك في جمع العسل. سوف يريك كيف تفعل ذلك. ويمكنك بعد ذلك أن تؤدي له الخدمة نفسها، وبذلك لن يضطر أي منكما إلى تكبد نفقات الاستعانة بطرف قد يكون غير منسجم مع النحل. سوف يعلمك ما هي أول علامات تعفن الحضنة وكيف تتولى أمرها، أما بقية الأمور فإن مساعدي الصغير هذا يستطيع أن يخبرك بأي شيء تريد معرفته بخصوص رعاية النحل. أليس كذلك يا صديقي؟» سأله سيد النحل، وهو يشد ذراعه حوله.
أجابه الصغير: «بالطبع أستطيع!» وتابع: «لقد أطلعته على كل شاردة وواردة أخبرتني بها يوما عن النحل. فإنني لم أنس مبادئ أي شيء أخبرتني به، وأستطيع أن أذكر بدقة أي شيء قرأته لي من الكتب. ربما لا أتذكر كل الكلمات الفخمة الرنانة، لكنني أنقل المعنى الصحيح.»
فقال سيد النحل: «أجل، أعتقد أنك تستطيع.» وأضاف: «أقر لك بذلك. فإنني لم أقرأ لك أي شيء قط وأخفقت في فهم المعنى الصحيح.»
فقال الكشافة الصغير: «وأنت أيضا كما تعلم تقرأ بطريقة رائعة للغاية! فإنك تقرأ بتأن شديد، وتنطق كلماتك بطريقة تجعل أي شيء تقرؤه تقريبا كأنه شعر، وتعطي شروحا بسيطة حين تكون اللغة صعبة. حتى إن أي شخص يستطيع أن يفهم ما تقرؤه.»
وبعدئذ بحركة مباغتة انسل الكشافة الصغير من الفراش، وبينما هو يستدير، مهد الغطاء ودب يده عميقا في جيب السروال وأخرج زوجين من النرد متسخا، مستدير الزوايا. ووضعه بزهو انتصار أمام سيد النحل.
قال قائد الكشافة: «لن أزعجك بلعب النرد معك اليوم. هذه أكثر المجموعات التي لدي جلبا للحظ. سأتركها معك بحيث تلعب بها في الأوقات التي تتمكن فيها من الحصول على وسادة لتستند إليها. هل الممرضات حمقاوات للغاية فلا يعرفن كيف يلعبن معك؟ هل تستطيع أن تعلمهن كيف يلقين النرد بطريقة صحيحة؟ هل تستطيع تعليمهن؟» وفجأة أمسك قائد الكشافة عن الكلام. ثم تابع: «ما دام لدى إحدى النساء القدر الكافي من العقل لرعاية أناس مرضى وإعطائهم أدويتهم وتحميمهم ودهنهم وإزالة آلامهم، فأعتقد أنها تستطيع إلقاء النرد. إذن بالطبع سيصبح لديك شخص ليلعب معك. لكن لدي شعور ما أنه لا يمكن أن يكون هناك أي شخص يفعل أي شيء تماما كما نفعله أنا وأنت.»
نظر قائد الكشافة إلى سيد النحل ونظر سيد النحل إلى قائد الكشافة وابتسم كل منهما ابتسامة نادرة الجمال حتى تبدلت بها ملامح وجهه كلها. «حسنا، سأخبرك بسر بيني وبينك، فلا ندع ذلك الرجل الاسكتلندي طويل القامة النحيف هناك يسمع ما نقوله، بالطبع، فإننا أصدقاء قدامى، ظللنا معا سنوات عديدة، وبالتأكيد لدينا أمور لا يستطيع أحد غيرنا أن يفهمها. ويقنع كل منا بصحبة الآخر أكثر من صحبة أي شخص آخر. لدي ممرضة لطيفة للغاية. وسوف تلعب معي، ولا أستطيع إخبارك كم أراك كريما لتترك لي مجموعتك المفضلة. سوف أرعاها أشد رعاية، وإن تبين أن الممرضة في غاية الحماقة لدرجة أنها لا تستطيع رمي النرد بطريقة صحيحة، فسأطلب من جيمي أن يعيدها إليك يوما.»
Página desconocida