حينئذ أجابه الصوت الذي سيأخذ مكانه في ذاكرة جيمي مع العينين والوجه - صوت رنان خفيض قوي يتخلله تهدج حزين مؤثر، صوت يهتز بالمشاعر ومشدد بنبرات مألوفة لأذنيه - قائلا: «ما الذي جاء بك إلى هنا؟»
أجاب جيمي: «ربما للسبب نفسه الذي جاء بك.»
أجابه الصوت: «أوه!»
أزاح جيمي الخصلات المسترسلة عن وجنتيه وشفتيه بأصابعه وجلس ممسكا بها في يده بإحكام. وقد نسي حاله تماما وهو الذي كان قد خرج ليقارن بين معركة الطبيعة ومعركة روحه؛ إذ قال للفتاة التي بجانبه: «هل أخبرك أحد من قبل أن المشكلة حين يتقاسمها اثنان يصبح أمرها هينا؟»
ثم ضحك ضحكة اسكتلندية خفيضة. وأرسل ذراعه اليمنى وتحسس شمالا حتى طوق منكبي المرأة التي بجواره.
وقال: «ملابسك ليست كافية، كما أنك مبتلة! تعالي هنا للاحتماء بمعطفي. وبعد ذلك؛ لأننا ليلا، ولأنني أعلم أن روحك محطمة وربما جسدك معذب، فلتخبريني بالحقيقة. إنني على يقين أن باستطاعتي مساعدتك. فكل مأزق له مخرج. وبإمكاني أن أفكر لك في حل.»
لم ينس جيمي قط أنه حين بلغ بذراعه الكتف التي بجانبه لم يقابله انكماش ولا نفور ولا تردد. وعندما لمع البرق مرة أخرى رأى أن المرأة التي كان يحاول مواساتها كانت شابة. لم تكن جميلة، لكنها كانت جذابة جاذبية إنسانية. ولما كانت مبتلة بالمطر، مفعمة بالأسى، لم يكن له حق أن ينتقدها.
قال ملتقطا حبل أفكاره مجددا: «إنني جاد.» وتابع: «إنني جاد. أعدك أن أساعدك إذا أخبرتني.» «لكن ... لكن كيف يمكنك مساعدتي؟» قال الصوت الذي سجل جيمي كل نبرة من نبراته وهو يبلغ مسمعه.
قال جيمي: «لا أعلم.» وأضاف: «لا أعلم كيف أستطيع مساعدتك؛ لأنني لا أعلم ما تحتاجين إليه. أعلم فقط أن بوسعي مساعدتك، وأنني سوف أساعدك إذا أخبرتني ما الذي يزعجك.»
أثناء الصمت الطويل الذي أعقب قوله، هيأ جيمي معطف سيد النحل الواقي من المطر ليستفيد منه أقصى استفادة ممكنة وأحكم قبضة ذراعه اليمنى. وأخيرا، وسط هدير العاصفة المنحسرة، ووسط تكسر الأمواج تحتهما، سمع مرة أخرى الصوت الذي كان ينتظره.
Página desconocida