المتين، والفتح «١» فى القلائد. فقال والله إن هذا لحسن، رحم الله الموصى وأعان الموصى.
وقد ترك والدك فى هذه الوصية عنوانا على حسبه وكرم أدبه، وإنما افكر فى الحديث الصحيح الذى أخرجه البخارى وهو قول رسول الله ﷺ «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده»، والحديث الذى أخرجه أيضا وهو قوله ﷺ «إن من شرار الناس الذين يكرمون/ إتقاء ألسنتهم» .
وقد جاء فى صحيح الترمذى: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو فليصمت» وجاء فى كتب المسيحيين أن المسيح ﵇ مرّ مع أصحابه على جيفة خنزير، فقال أحدهم: ما أنتن ريحه، وقال الآخر: ما أقبح صورته، فقال المسيح: ما أحسن بياض أسنانه. فقال له شمعون الصفا يا نبى الله، وصفوا قبائحه ووصفت محاسنه، فقال: كل امرىء ينفق مما عنده، وإن لسانا عوّد الخير لا ينطق إلا بخير، فقلت يا مولانا، وحق نعمتك لا صنفت من هذه الفنون التى اجتمعت لى مصنفا إلا طرزت خطبته بهذه المراسم الجليلة السلطانية.
فقال: ايه وما الذى تعتمد عليه فيما تصنفه؟ هل تكون فيه كما قال المتنبى «٢»
يشمّر للّج عن ساقه ... ويغرقه الموج فى الساحل
أو كما قال غيره
ولك أبدأ الأمر الذى أنا موقن ... بأنّى منه لست أمضى لآخر
فقلت يا خوند «٣»، هكذا يجرى لى دائما كلما شرعت فى مصنف لم تسمح نفسى بأن أجعله صغيرا، وآخذ فى استيفاء ما اجتمع من مواده، وأبخل ان أسقط منها إلى أن أضجر وتقع السآمة فى بعض مسافاته. قال: ولهذا قال رسول الله ﷺ: «إن المنبتّ لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى» وقال ﵇/ «إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق» . فقلت: وفى بعض
1 / 43