بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى. اتفق أهل السنة والمعتزلة والمرجئة والخوارج والشيعة على وجوب الإمامة وأن الأمة فرض عليها الانقياد إلى إمام عدل، حاشا النجدية من الخوارج فقالوا لا تلزم الإمامة وإنما على الناس أن يتعاطوا الحق فيما بينهم، وهذا قول ساقط.
واتفق كل من ذكرنا على أنه لا يكون في وقت إلا إمام واحد، إلا محمد بن كَرّام وأبا الصباح السَّمَرقَندي وأصحابهما فإنهم أجازوا كون إمامين وأكثر في وقت واحد واحتجوا بقول الأنصار: "منا أمير ومنكم أمير" واحتجوا
1 / 12
بأمر علي وابنه مع معاوية.
قلنا: قال ﵊: «إذا بويع أحد الخليفتين فاقتلوا الآخِر منهما»
قال تعالى: ﴿ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا﴾. فحرّم التفرق. ولو جوزنا إمامين لجاز الثالث، والرابع، بل في كل مدينة ٍإمامٌ أو قريةٍ، وفي ذلك فساد عريض وهلاك.
ثم الأنصار رجعوا عن قولهم وأطاعوا. وأما علي ﵁ والحسن فإن النبي ﷺ أنذر بخارجة تخرج بين طائفتين تقتلها أولى الطائفتين بالحق، وكان قاتل تلك الطائفة أمير المؤمنين علي ﵁. فهو صاحب الحق بلا شك. ولذلك أخبر ﵊ بأن عمارا
1 / 13
تقتله الفئة الباغية.
وكان علي السابق إلى الإمامة، فمن نازعه فمخطئ مأجور مجتهد.
ثم قول الأنصار: "منا أمير" فمرادهم منا والٍ فإذا مات فمنكم وال، وهكذا أبدا؛ لا على أن يكون إمامان في وقت.
وأما معاوية وعلي فما سلّم أحدهما للآخر قط، وكذلك أمير المؤمنين الحسن ﵁، إلى أن سلمها إلى معاوية.
ورأينا الأنصار دعوا إلى سعد، والمهاجرين دعوا إلى أبي بكر ﵄. وقعد علي في بيته، فما معه غير الزبير وآل بيته؛ فلم يَدْعُهم إلى نفسه ولا عقد بيعة، ثم تبين له الحق وأخبر أنه إنما تأخر عن مبايعة أبي بكر عتبا عليه إذ لم يشاوره، فأعلمه
1 / 14
أبو بكر أنه استعجل خوفا من مبادرة أصحاب السقيفة.
ثم إن الكل رجعوا إلى طاعة الصديق لكمال أهليته -سوى سعد فقط- لا لرهبة من أبي بكر ولا لرغبة.
ولو قال من لا يعلم: بل خافوه؛ فترى ما الذي حملهم على طاعته وهو في السياق في استخلافه عليهم عمر؟ أكانوا يطعيون أخا بني تيم حيا وميتا في شأن الإمارة ويعصون سيد البشر ويُميتون نصه لابن عمه ويكتمونه! هذا والله لو قاله أحد من الصبيان ليُئس من فلاحهم، بل هذه المقولة سُلّم الزندقة.
ثم أن لو نازع الأمر علي وطلبه، مع فرط شجاعته وكمال رتبته وشرفه وسابقته، لبادر معه العباس سيد قريش، ومثل ابن عمته الزبير حواري رسول الله ﷺ، ومثل أبي سفيان بن حرب في بني أمية وأمثالهم.
ولقد صدق الصادق المصدوق حين يقول: «يأبى الله والمؤمنون أن يُختلف على أبي بكر» ﵁. فقل لي: ما الموجب
1 / 15
لمحبتهم لأبي بكر وتقديمه ومبايعته؟ ألفرط قواه أم لكثرة بني تيم وسؤددهم أم لكثرة عبيده وأمواله؟
رجل بويع فغدا على يده أبرادٌ ليتكسب فيها وينفق على عياله، حتى ردّوه وفرضوا له في بيت المال نفقته المعروفة، فقام به وبخليفته عمر الدين وفتحت الممالك وزال ملك كسرى وقيصر والمقوقس وذل الشرك؛ فأرغم الله بأنفك يا باغضهما. ولكن حبك الشيء يعمي ويصم. ولو شاء الله بك الفلاح لأكثرت من قوله تعالى: ﴿ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم﴾
ثم العجب من الأنصار -الذين حبهم إيمان والذين بايعوا نبيهم على الموت وآووه ونصروه وعادوا جماهير العرب، بل وحاربوا جيوش الروم والفرس والقبط، مع كثرتهم والتفافهم
1 / 16
على سيدهم وكبيرهم سعد- كيف تخلوا عنه بمجيء ثلاثة أنفس من قريش غرباء عن بلدهم. فوالله ما انقادوا لهم وبايعوا الصديق إلا لما نُبِّهوا على الحق.
فرضنا أنهم عجزوا عن الثلاثة وجَبُنوا -وهذا فرض محال- أما كانوا يقولون: لا لنا ولا لكم أيها الثلاثة، بل لمن نصَّ الرسول عليه بالخلافة، بزعمك.
فَقَدْتُكَ يا دائص، ما أبطل حجتك وأشد هواك وشنعتك، ففيك شائبة من اليهود الذين جحدوا الحق وقتلوا الأنبياء. لك نفس أبو جهلية ومعاندة إبليسية؛ فلو تركت الهوى ونابذت الجهل وترديت بالعلم وانقدت للإنصاف لأفلحت.
أعاذنا الله وإياك من المكابرة والعناد.
1 / 17
فَكِّرْ فيما تقول؛ فإنك عمدت إلى السابقين الأولين من أهل بدر وأهل بيعة الرضوان و﴿خير أمة أخرجت للناس﴾ ومن قال الله تعالى فيهم: ﴿أولئك هم الصادقون﴾ فرميتهم بخزية لا تكاد تقع من أوباش الأجناد ولا من مسلمة التتار، بل ولا من كفرتِهم ولا من حرامية الخوارزمية ولا من أذلة المنافقين؛ فأين يُذهب بعقلك؟
فانظر -ويحك- ما تقول وما يترتب على ما تزعم. فإنك تجعلهم شر الأمم وأظلم الطوائف وتنسبهم إلى النفاق وكتمان الدين. فوالله لو جرى بينهم منافسة وخصام على الإمرة -والعياذ بالله تعالى- لما ثنانا ذلك عن حبهم وتوقيرهم، فما زال الأصحاب يتنافسون ويغضب بعضهم من بعض ثم يفيئون إلى الصلح والمودة. فقد تألم موسى صلوات الله عليه من أخيه هارون ﵇ وانزعج منه وأخذ بلحيته، ثم سكن واستغفر
1 / 18
لنفسه ولأخيه. ثم هذان الخيّران أبو بكر وعمر قد اختصما كما في الحديث الثابت. ثم هؤلاء الذين تأبّوا عن بيعة أبي بكر قد وقع بينهم، فقد اختصم علي والعباس ﵄ في قضية فدك وتحاكما إلى عمر، فكان ماذا؟ ثم وقع بين علي وبين الزبير، وبين علي ومعاوية، وبلغوا إلى السيف باجتهاد كل واحد منهم، والله يغفر لهم ويرضى عنهم.
ثم هذا نبينا ﷺ قد تألم لابنته فاطمة وغضب لها لمّا بلغه أن أمير المؤمنين عليا عازمٌ على أن
1 / 19
يتزوج عليها ابنة الشقي أبي جهل، فلما رأى علي انزعاج النبي ﷺ للبغيضة النبوية تَرَكَ الخِطبة، وما نقصت أصلا رتبته بذلك عند النبي ﷺ. فقبَّحَ الله الجهل والهوى.
ثم أين كان علي والزبير وبنو هاشم في قوتهم وشجاعتهم عن قتل رجل تاجر يأخذ الأبراد على يده ويتكسب، قليل المال قليل العشيرة والخدم عديم الحرس والحُجّاب والتحرز، قد نافق وظلم وللنص كتم؟ وما الذي أخّر عليا وذويه عن اغتياله دفعا للباطل وإقامة للحق؟ بل عَلِمَ الفضل لأهله وبايع أبا بكر لسابقته وفضله ﵄.
ثم لو قيل: إن كل الصحابة نسوا النص، فمن أين وقع للرافضة، ومن نقله إليهم؟ فهذا كله هوس محال.
وإن قالوا: قد قتل علي طائفةً من قريش فأثّر ذلك نفورا منه لعشائرهم وحقدا في نفوسهم؛
1 / 20
قلنا: هذا تمويه ضعيف وكذب صريح، لأنه إن ساغ لكم ذلك في بني عبد شمس وبني مخزوم وبني عبد الدار وبني عامر، فإنه قَتَلَ من كل قبيلة من هؤلاء رجلا أو اثنين، فقتل من بني عامر واحدا وهو عمرو بن عبد ود، وقتل من بني مخزوم وبني عبد الدار رجالا، وقتل من بني عبد شمس الوليد بن عُتبة والعاص بن سعيد بن العاص، وقتل عُقبة بن أبي مُعيط، في قول. فقد علم من له أدنى علم بالأخبار أن هذه القبائل لم يكن ولا لواحد منهم يوم السقيفة ذِكر ولا عقد ولا حل، اللهم إلا أبا سفيان، كان مائلا إلى عليٍّ عصبيةً ومنافسة لوصول الأمر إلى بني تيم لا للدين. وكان ابنه يزيد بن أبي سفيان وخالد بن سعيد بن العاص والحارث بن هشام مائلين إلى الأنصار تدينا. والأنصار هم قتلوا أبا جهل، وهو أخو الحارث بن هشام. ثم كان محمد بن أبي حذيفة بن عُتبة مع علي على معاوية.
فدعوا القحة وعرفونا من الذي قتل علي من الأنصار حتى
1 / 21
يؤول بهم الحقد على كتمان حقه والتخلف عنه، فإن أكثرهم ما حاربوا معه.
ثم قد كان لطلحة والزبير وسعد من قتلى المشركين عِدة كما لعلي، فما الذي خصه بحقد ونفور دون هؤلاء؟
ثم آل بالرافضة قلة الحياء وصفاقة الوجوه وعدم الفكر فيما يتفوهون به إلى أن قالوا: حملَ الحقدُ والشحناء سعد بن أبي وقاص وربيعة بن زيد وابن عمر وأسامة ومحمد بن سلمة وأبا أيوب وأبا هريرة وزيدا، في أمثالهم من المهاجرين والأنصار، على التأخر عن بيعة علي ﵁.
قلت: ليت شعري أي كلمة خفية نُقلت أنها جرت بينهم وبينه؟ وإنما كان رأي هؤلاء وأشباههم أنهم لا يرون القتال في الفُرقة، فانجمعوا عن المحاربة. فلما وقع الاتفاق على معاوية ونزل له السيد الحسن عن الأمر سُمي عام الجماعة واتفقت الأمة كلها على رجل. وهذا يبين لك أن كل الموجودين في
1 / 22
المملكة الإسلامية عامئذ رأوا جواز خلافة المفضول مع وجود الأفضل، فقد كان جماعة من الصحابة بايعوا معاوية وهم بيقين أفضل منه، كسعد وابن عمر والحسن وعدة من أهل بدر والحديبية، فكان ماذا؟ كان خليقا للإمارة شريفا مهيبا شجاعا حليما جوادا كثير المحاسن، على هنات له، فالله يسامحه ويعفو عنه، فهو أول الملوك وأحزمهم، ولم يبلغ إلى رتبة الخلفاء الراشدين، حاشا وكلا.
وكذلك قعد عن ابن الزبير ومروان جماعةٌ من الفضلاء، فلما انفرد عبد الملك بن مرون بالأمر بايعوه وأجمعوا عليه، لا رضًا عنه ولا عداوة لابن الزبير ولا تفضيلا لعبد الملك على من هو خير منه وأفضل. وإلى خَوْن الرافضة المنتهى.
ثم لو كان ما افتروه ممكنا، فما الذي دعا عمر إلى إدخاله في أهل الشورى، فقد أخرج من أهل الشورى قرابته: سعيد بن زيد العدوي البدري أحد العشرة، لكونه من عشيرته، وولده عبد الله بن عمر. فصحَّ أن أهل الحل والعقد هم خير أمة
1 / 23
أنزلوا الإمام عليا منزلته، غير مغالين فيه ولا جافين عنه.
ثم لما دعاهم إلى البيعة وبايعه الملأ من المهاجرين والأنصار، ما رأينا أحدا منهم خاف منه لِما سلف منه في كتمان النص -على زعمكم وإفككم- ولا اعتذر إليه من المبايعة لمن قبله، ولا عنّف هو أحدا منهم على جحد النص ولا سبّه، فإنه صار إليه أزمة الأمور وزال مقتضى التقية وتمكن من الأضداد.
تلك عقول لكم كادها باريها وأضلها ولم يرد أن يهديها.
ولا -والله- رأينا الإمام أبا الحسن قال للصحابة وقد قُتل أمير الناس عمر وراح من يُخشى ويخاف: ويحكم كم هذا الظلم وحتى متى هذا الجحد وإلى كم تكتمون نص نبيكم ﵊ فيَّ، وإلى كم تُعرضون عن فضلي البائن عليكم؟
1 / 24
هب أنه كظم وسكت، أما كان في بني هاشم أحد له شهامة وصدع بالحق يقول لهم هذا الكلام؟ أما كان العباس في جلالته ووقاره قادرا على أن يصرح فيهم بذلك، ولا عقيل بن أبي طالب الذي كان يداريه معاوية؟
فيا لله العجب من الهوى الذي في غلاة الشيعة والكذب.
ثم قل لي: أزالت الرأفة والمراقبة من قلوب سائر المؤمنين وسادة المجاهدين أن يعملوا في حق مثل علي بمقتضى أمر المصطفى ونصه ولا يبوحون بذكره إلى أن يقتل عثمان صبرا ويُبادر قتلتُه حينئذ وغيرهم من الكبراء إلى نصب علي إماما باجتهادهم، ولا يُقوون ذلك بإظهار ما يكتمونه من النص؟
لقد أسمعت لو ناديت حيا ... ولكن لا حياة لمن تنادي
1 / 25
إنها والله لإحدى الكبر، اتفاق جميع خير أمة أخرجت للناس من أوائل المغرب إلى خراسان ومن الجزيرة إلى أقصى اليمن على السكوت عن حق علي ومنعهم حقه، وليس ثَم شيء يخافونه قط ولا أحد يشاقونه. هذا هو المحال الممتنع. ثم من الغد يبايعونه ويطيعونه ويبذلون نفوسهم، مثل يوم صفين والجمل، والرؤوس تندر والدماء كالسيول والمصاحف ترفع على الرماح، والحالة هذه، ولا أحد ينعق بين القوم: ويحكم اتقوا الله وهلموا إلى نص نبيكم.
وهلا نطق الإمام علي بذلك يوم صفين، بل أجاب إلى حكم الحكمين.
وقال هشام بن الحكم الرافضي: كيف لا يجوز عليهم كتمان النص وقد قتل بعضهم بعضا؟
قلنا: يا جاهل، هذا أعظم حجة عليك، لأن عليا أول من قاتل حين افترق الناس، فما لحقهم لحقه. ولكن كان الفريقان
1 / 26
مجتهدين متأولين، والله يغفر لهم، وعلي أولى بالحق ممن قاتله من الشاميين وغيرهم، فقد سماهم النبي ﷺ: "فئة باغية". ونحن نكف عما شجر بين الصحابة. وأنت بجهلك تفرق بينهم وتحط على سائرهم فيما لم يتشاجروا فيه. فأي الفريقين أحق بالأمن وأقرب إلى الورع؟
فلما استشهد الإمام علي وقام الحسن ثم أقبل في كتائب أمثال الجبال ومعه مئة ألف عِنان يموتون لموته، فما الذي جعله في سعة من تسليم الأمر إلى معاوية وإعانته على الضلال وإبطال حقه من العهد النبوي إليه وإلى أبيه؟ ثم يوافقه على ذلك أخوه الحسين الشهيد ويسكت، فما نقض يوما بيعة معاوية أبدا. فلما مات معاوية قام الحسين وسار يطلب الإمارة وتحرج من القعود عن الحرب، فقاتل حتى استشهد ﵁. فلولا أنه رأى مبايعته لمعاوية سائغة لفعل معه كما فعل مع يزيد. هذا ما
1 / 27
لا يماري فيه منصف. فإن السبطين سلما الأمر إلى معاوية طائعين غير مكرهين وهما في عز ومنعة وجيش لجب؛ فدل ذلك على أنهما فعلا المباح، وأصلح الله تعالى بين الأمة بالسيد الحسن، وحقنت الدماء وسكنت الدهماء وانعقد الإجماع على مبايعة المفضول الكامل السياسة مع وجود الأفضل الأكمل. ولله الحمد.
ولو امتنع السبطان في ذلك الوقت ونواصي العرب في يد الحسن لا شك أن يكون لهم النصرة على أهل الشام.
فهذا زياد، ومن هو زياد، امتنع، وهو فقعة القاع لا عشيرة له ولا نسب ولا سابقة، فما أطاقة معاوية إلا بالمدارة والملاطفة، حتى ولاه واستُلحق به أخا، وفي هذا عبرة لمن أنصف.
سلَّمنا سابقة علي وتجربته وجهاده وفضائله وأنه أفضل أهل زمانه، فما الذي جعل السيدين السبطين بمنزلته وفي
1 / 28
الوقت من هو قريب من أبيهما في المرتبة، كسعد وسعيد، ثم كابن عمر الذي لولا شيء لقُلِّد الخلافة يوم الحكمين. وكذلك لا نجد لزين العابدين علي بن الحسين سبوقا -مع عظمته وشرفه- في علم ولا عمل على سعيد بن المسيب والقاسم وسالم وعروة. وكذلك لا تجدون لأبي جعفر محمد بن علي سبوقا في العلم والعمل -مع أهليته للخلافة- على أخيه زيد وابن شهاب وعبد الرحمن بن القاسم وعمر بن عبد العزيز؛ ولا لجعفر بن محمد -مع صلاحيته للإمامة- على عبد الله بن عمر
1 / 29
وابن أبي ذئب؛ ولا لموسى بن جعفر على عبد الله بن عمر بن عبد العزيز الزاهد العمري؛ ولا لعلي بن موسى الرضا على محمد بن إدريس الشافعي المطلبي. وأما ولد الرضا وحفيده علي بن محمد ونافلته الحسن بن محمد العسكري، فهؤلاء لهم شرف وسؤدد في الجملة، ولكن بينهم
1 / 30
وبين زين العابدين وابنه الباقر وحفيده الصادق بون بعيد في العلم والفضل.
وأما ثاني عشرهم المنتظر المعدوم، ففيه قولان لا ثالث لهما البتة: إما إنه وُجد ثم مات، أو لم يكن قط، وهو الأشبه. فأما أن يكون دخل وهو صبي في سرداب بلد سُرَّ من رأى من نحو أربعمائة وسبعين عاما وهو إلى الآن حي يرزق ولا بد أن يخرج ويملأها عدلا وقسطا، وأنه يعلم علم النبي ﷺ جميعه وعلم الإمام علي كله، لا بل علم الأولين والآخرين وأنه لا يجوز عليه سوهو ولا نسيان وأنه معصوم وأنه وأنه ... فهذه خرافات الكذابين من الرافضة الذين لا يستيحيون من الله فيما يدعونه. وما نعلم المنتظر الذي هو الآن حي ومن قبل الإسلام بدهر إلا المسيحين، مسيح الهدى الذي هو الآن في السماء، ومسيح الضلال المغلول في جزيرة ببحر الروم، وهو الدجال شر
1 / 31