Al-Muntazam en la historia de los reyes y las naciones
المنتظم في تاريخ الملوك والأمم
Editor
محمد عبد القادر عطا، مصطفى عبد القادر عطا
Editorial
دار الكتب العلمية
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤١٢ هـ - ١٩٩٢ م
Ubicación del editor
بيروت
Géneros
Historia
قَالَ: ائتوني بِهِ، فلما أتوه بِهِ، قَالَ: هل يبقى هَذَا لأحد أَوْ يبقون لَهُ؟ قَالُوا: لا، قَالَ: فلا حاجة لي بِهِ، إِنَّمَا طلبي لما يتبقى.
فساروا من بَيْت المقدس متوجهين إِلَى زرح ملكهم فأخبروه الْخَبَر، فَقَالَ: إِن صديق أسا لا يطيق أَن يَأْتِي بأكثر من جندي، ولا بأكمل من عدتي.
ثُمَّ جمع العساكر ألف ألف ومائة ألف سِوَى أَهْل بلاده، ثُمَّ أمر بمائة مركب، فقرن لَهُ البغال، كُل أربعة أبغل جميعا عَلَيْهَا سرير وقبة، وَفِي كُل قبة منهن جارية، ومع كُل مركب عشرة من الخدم، وخمسة أفيال من فيلته، وجعل خاصته الَّذِي يركبون مَعَهُ مائة ألف. ثُمَّ قَالَ: أَيْنَ صديق أسا؟ هل يستطيع أَن يعصمه مني، فبلغ الْخَبَر أسا، فدعى ربه فَقَالَ: اللَّهمّ أنت القوي أنظر إِلَى ضعفنا وقوة عدُونَا فغرق عدُونَا فِي اليم كَمَا غرقت فرعون.
ثُمَّ نام فرأى فِي المنام: أني قَدْ سمعت كلامك، وأني إِن غرقته لَمْ يعلم بنو إسرائيل كَيْفَ صنعت بهم، ولكن سأظهر لَكَ ولمن اتبعك فيهم قدرة حَتَّى أكفيك مئونتهم، وأهب لَكَ غنيمتهم حَتَّى يعلم أعداؤك أَن صديق أسا لا يطاق وليه، ولا يهزم جنده.
فأرسل أسا إليهم طليعته، فرجعوا يقولون: لَمْ تر عيون بَنِي آدَم مثلهم ولا مثل فيلهم، فَقَدِ انقطع رجاؤنا.
وجاء أَهْل البلد إِلَى أسا، فَقَالُوا: إنا خارجون بأجمعنا إِلَى هَؤُلاءِ الْقَوْم لعلهم يرحمونا. فَقَالَ: أما معاذ اللَّه أَن نلقي بأيدينا فِي أيدي الكفرة، قَالُوا: فاحتل لنا حيلة، واطلب إِلَى صديقك الَّذِي كنت تعدنا بنصره، فَإِن الصديق لا يسلم صديقه عَلَى مثل هَذَا، فدخل أسا المصلى، ووضع تاجه وحل ثيابه ولبس المسوح وافترش الرماد، ثُمَّ أخذ فِي الدعاء وجعل يقول: اللَّهمّ رب السموات السبع ورب العرش العظيم إله إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط، أَنْتَ الَّذِي لا يطيق كنه عظمتك بشر، أسألك بالمسألة الَّتِي سألك بها إِبْرَاهِيم خليلك فأطفأت بها عَنْهُ النار، وبالدعاء الَّذِي دعاك بِهِ نجيك موسى فأنجيت بَنِي إسرائيل من الظلمة وأعتقتهم من العبودية، وبالتضرع الَّذِي تضرع لَكَ عبدك دَاوُد فرفعته ونصرته عَلَى جالوت، أَنْتَ محيي الموتى، فَقَدْ حل بنا كرب عظيم لا يطيق كشفه غيرك ولا حول ولا قوة إلا بك.
1 / 391