Muntaqa Min Minhaj Ictidal
المنتقى من منهاج الاعتدال في نقض كلام أهل الرفض والاعتزال
Investigador
محب الدين الخطيب
والمركب قد عرف مَا فِيهِ من الإشتراك فَإِذا قيل لَو كَانَ عَالما لَكَانَ مركبا من ذَات وَعلم فَلَيْسَ المُرَاد بِهِ أَن الذَّات وَالْعلم كَانَا مفترقين فاجتمعا وتركبا وَلَا أَنه يجوز مُفَارقَة أَحدهمَا الآخر
بل المُرَاد أَنه إِذا كَانَ عَالما فهناك ذَات وَعلم قَائِم بهَا
وَقَوله والمركب مفتقر إِلَى أَجْزَائِهِ فمعلوم أَن إفتقار الْمَجْمُوع إِلَى أَبْعَاضه لَيْسَ بِمَعْنى أَن أَبْعَاضه فعلته أَو وجدت دونه أَو أثرت فِيهِ
بل بِمَعْنى أَنه لَا يُوجد إِلَّا بِوُجُود الْمَجْمُوع فَإِذا قيل الشَّيْء مفتقر إِلَى نَفسه بِهَذَا الْمَعْنى لم يكن هَذَا مُمْتَنعا بل هَذَا هُوَ الْحق فَإِن نفس الْوَاجِب لَا يَسْتَغْنِي عَن نَفسه
وَإِذا قيل هُوَ وَاجِب بِنَفسِهِ فَلَيْسَ المُرَاد أَن نَفسه أبدعت وُجُوبه بل المُرَاد أَن نَفسه مَوْجُودَة بِنَفسِهَا لم تفْتَقر إِلَى غير
وَإِذا قيل الْعشْرَة مفتقرة إِلَى الْعشْرَة لم يكن فِي هَذَا إفتقار لَهَا إِلَى غَيرهَا
وَإِذا قيل هِيَ مفتقرة إِلَى الْوَاحِد الَّذِي هُوَ جزؤها لم يكن إفتقارها إِلَى بَعْضهَا بأعظم من إفتقارها إِلَى الْمَجْمُوع الَّذِي هُوَ هِيَ
فكون الْمُبْدع مستلزما لصفاته فَهَذَا لم ينف حجَّة أصلا وَلَا هَذَا التلازم يَنْبَغِي أَن يُسمى فقرا
وَأَيْضًا فتسمية الصِّفَات الْقَائِمَة بالموصوف جُزْءا لَيْسَ هُوَ من اللُّغَة الْمَعْرُوفَة إِنَّمَا ذَا إصطلاح لَهُم وَلَو تنزلنا وسميناه بإصطلاحهم لم يكن فِيهِ مَحْذُور فَلَا عِبْرَة بتهويل الفلاسفة وأتباعهم
فَالَّذِينَ نفوا علمه بالأشياء قَالُوا لِئَلَّا يلْزم التكثير
وَالَّذين نفوا علمه بالجزئيات قَالُوا لِئَلَّا يلْزم التَّغَيُّر
فيهولون بِلَفْظ التكثير والتغير وهما لفظان مجملان منكران يوهمان أَنه يتكثر الْآلهَة وَأَن الرب يتَغَيَّر كَمَا يتَغَيَّر الْإِنْسَان وكما تَتَغَيَّر الشَّمْس إِذا اصفر لَوْنهَا وَلَا يدْرِي السَّامع أَنه عِنْدهم إِذا أحدث مَا لم يكن مُحدثا سموهُ تغيرا وَإِذا سمع دُعَاء عباده سموهُ تغيرا وَإِذا رأى مَا خلقه سموهُ تغيرا وَإِذا كلم مُوسَى سموهُ تغيرا وَإِذا رَضِي عَن الطائع سموهُ تغيرا
ثمَّ إِنَّهُم ينفون ذَلِك بِغَيْر دَلِيل أصلا كَمَا اعْترف بِهِ غير وَاحِد والأدلة الشَّرْعِيَّة والعقلية توجب ثُبُوت ذَلِك
فدعوى الْمُدَّعِي على اللُّغَة أَن مَا يشار إِلَيْهِ جسم مركب غير صَحِيح
وَجُمْهُور الْمُسلمين الْقَائِلين لَيْسَ بجسم يَقُولُونَ من قَالَ إِنَّه جسم وَأَرَادَ بذلك أَنه مَوْجُود أَو قَائِم بِنَفسِهِ وَنَحْو
1 / 108