Muntaqa Min Minhaj Ictidal
المنتقى من منهاج الاعتدال في نقض كلام أهل الرفض والاعتزال
Investigador
محب الدين الخطيب
الَّتِي فعل لأَجلهَا إِن كَانَ وجودهَا وَعدمهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ سَوَاء امْتنع أَن تكون عِلّة وَإِن كَانَ وجودهَا أولى فَإِن كَانَت عَنهُ مُنْفَصِلَة لزم أَن تستكمل بِغَيْرِهِ وَإِن كَانَت قَائِمَة بِهِ لزم أَن يكون محلا للحوادث
وَأما المجوزون للتَّعْلِيل فهم متنازعون فالمعتزلة تثبت من التَّعْلِيل مَا لَا يعقل وَهُوَ فعل لعِلَّة مُنْفَصِلَة عَن الْفَاعِل مَعَ كَون وجودهَا وَعدمهَا إِلَيْهِ سَوَاء
وَأما الْقَائِلُونَ بِالتَّعْلِيلِ فَإِنَّهُم يَقُولُونَ إِن الله يحب ويرضى وَذَلِكَ أخص من الْإِرَادَة
وَأما الْمُعْتَزلَة وَأكْثر الأشعرية فَيَقُولُونَ الْمحبَّة والرضاء والإرداة سَوَاء
فجمهور السّنة يَقُولُونَ لَا يحب الْكفْر وَلَا يرضاه وَإِن كَانَ دَاخِلا فِي مُرَاده كَمَا دخلت سَائِر الْمَخْلُوقَات لما فِي ذَلِك من الْحِكْمَة
وَهُوَ وَإِن كَانَ شرا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْفَاعِل فَلَيْسَ كل مَا كَانَ شرا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْفَاعِل يكون عديم الْحِكْمَة بل لله فِي مخلوقاته حكم قد تخفى
ويجيبون عَن التسلسل بجوابين أَحدهمَا أَن يُقَال هَذَا تسلسل الْحَوَادِث فِي الْمُسْتَقْبل لَا فِي الْحَوَادِث الْمَاضِيَة فَإِنَّهُ إِذا فعل فعلا لحكمة كَانَت الْحِكْمَة حَاصِلَة بعد الْفِعْل فَإِذا كَانَت تِلْكَ الْحِكْمَة يطْلب مِنْهَا حِكْمَة أُخْرَى بعْدهَا كَانَ تسلسلا فِي الْمُسْتَقْبل وَهُوَ جَائِز عِنْد جَمَاهِير الْأمة فَإِن نعيم الْجنَّة وَعَذَاب النَّار دائمان مَعَ تجدّد الْحَوَادِث فيهمَا وَإِنَّمَا أنكر ذَلِك جهم
زعم أَن الْجنَّة وَالنَّار تفنيان
وَأَبُو الْهُذيْل
1 / 37