Muntaha Talab
منتهى الطلب من أشعار العرب
خُلقتْ على عسبٍ وتمَّ ذكاؤها ... وأحالَ فيها الصُّنعُ غيرَ بجيسِ
وإذا جهدنَ وقلَّ ماءُ نطافها ... وصُلقنَ في ديمومةٍ إمليسِ
تنفي الأواثمَ عنْ سواءِ سبيلِها ... شركَ الأحزَّةِ وهي غيرُ شموسِ
أمَّا إذا استقبلتَها فكأنَّها ... ذبلتْ من الهنديّ غيرَ يبوسِ
أمَّا إذا ما أدبرتْ فكأنَّها ... قارورةٌ صفراءٌ ذاتُ كبيسِ
وإذا اقتنصنا لا يخفُّ خضابها ... وكأنَّ بركتها مداكُ عروسِ
وإذا رفعنا للحراجِ فنهبُها ... أدنى سوامِ الجاملِ المحبوسِ
هاتيكَ تحملُني وأبيضَ صارمًا ... ومجرَّبًا في مارنٍ مخموسِ
صدقٍ منَ الهنديِّ أُلبسَ جبَّةً ... لحقتْ بكعبٍ كالنّواةِ مليسِ
في أسرةٍ يومَ الحفاظِ مصالتٍ ... كالأُسدِ لا ينمى لها بفريسِ
وبنو خزيمةَ يعلمونَ بأنَّنا ... من خيرِهمْ في غبطةٍ وبئيسِ
تُنكي عدوَّهمُ وينصحُ جيبُنا ... لهمُ وليسَ النُّصحُ بالمدموسِ
وقال عبيد أيضًا:
يا دارَ هندٍ عفاها كلُّ هطَّالِ ... بالجوُّ مثلَ سحيقِ اليمنةِ البالي
جرتْ عليها رياحُ الصَّيفِ فاطَّرقتْ ... والرِّيحُ ممَّا تعفِّيها بأذيالِ
حبستُ فيها صِحابي كيْ أُسائلُها ... والدَّمعُ قدْ بلَّ منِّي جيبَ سربالي
شوقًا إلى الحيِّ أيَّامَ الجميعُ بها ... وكيفَ يطربُ أو يشتاقُ أمثالي
وقدْ علا لمَّتي شيبٌ فودعني ... منهُ الغواني وداعَ الصَّارمِ القالي
وقد أُسلِّي همومي حينَ تحضرُني ... بحسرةٍ كعلاةِ القينِ شملالِ
زيَّافةٍ بقتودِ الرَّحلِ ناجيةٍ ... تفري الهجيرَ بتبغيلٍ وإرقالِ
مقذوفةٍ بلكيكِ اللَّحمِ عن عرضٍ ... كمفردٍ وحدٍ بالجوِّ ذيَّالِ
هذا وحربٍ عوانٍ قدْ سموتُ لها ... حتَّى شببتُ لها نارًا بأشعالِ
تحتي مسوَّمةٌ جرداءُ عجْلزةٌ ... كالسَّهمِ أرسلهُ من كفّهِ الغالي
وكبشِ ملمومةٍ بادٍ نواجذهُ ... شهباءَ ذاتِ سرابيلٍ وأبطالِ
أوجرتُ جفرتهُ خرصًا فمالَ بهِ ... كما انثنى مخضدٌ من ناعمِ الضَّالِ
وقهوةٍ كرفاتِ المسكِ طالَ بها ... في دنّها كرُّ حولٍ بعدَ أحوالِ
باكرتهُ قبلَ أن يبدو الصَّباحُ لنا ... في بيتِ منهمرِ الكفَّينِ مفضالُ
وغيلةٍ كمهاةِ الجوِّ ناعمةٍ ... كأنَّ ريقتها شيبتْ بسلسالِ
قد بتُّ ألعبها طورًا وتلعبُني ... ثمَّ انصرفتُ وهيَ منِّي على بالِ
بانَ الشَّبابُ فآلى لا يلمُّ بنا ... واحتلَّ بي من ملمِّ الشَّيبِ محلالِ
والشيبُ شينٌ لمنْ أرسى بساحتهِ ... للهِ درُّ سوادِ اللّمَّةِ الخالي
وقال عبيد أيضًا:
تحاولُ رسمًا من سُليمى دكادكا ... خلاءً تعفِّيهِ الرِّياحُ سواهكا
تبدَّلَ بعدي من سُليمى وأهلها ... نعامًا ترعاهُ وأُدمًا ترائكا
وقفتُ بها أبكي بكاءَ حمامةٍ ... أركيَّةٍ تدعو الحمامَ الأواركَا
إذا ذكرتْ يومًا من الدَّهرِ شجوها ... على فرعِ ساقٍ أذرتِ الدَّمعَ سافكا
سراةَ الضُّحى حتَّى إذا ما صبابتي ... تجلَّتْ كسوتُ الرَّحلَ وجناءَ تامكا
كأنَّ قُتودي فوقَ جأبٍ مطرَّدٍ ... رأى عانةً تهوي فظلَّ مواشكا
ونحنُ قتلْنا الأجدلينِ ومالكًا ... أعزّهما فقدًا عليكَ وهالكا
ونحنُ جعلْنا الرُّمحَ قرنًا لنحرهِ ... فقطَّرهُ كأنَّما كانَ واركا
ونحنُ الأُلى إنْ تستطعكَ رماحُنا ... نقدكَ إلى نارٍ لعمرُ إلاهكا
نقدكَ إلى نارٍ وإنْ كنتَ ساخطًا ... ولا تنتشرْ نفوسُنا لفدائكا
ويومَ الرَّبابِ قد قتلْنا هُمامها ... وحجرًا وعمرًا قد قتلنا كذالكا
ونحنُ صبحنا عامرًا يومَ أقبلوا ... سيوفَا عليهنَّ النّجارُ بواتكا
عطفْناهمُ عطفَ الضَّروسِ فأدبروا ... سراعًا وقدْ بلَّ النَّجيعُ السَّنابكا
ونحنُ قتلنا مرَّةَ الخيرِ منكمُ ... وقرصًا قتلنا كانَ ممَّنْ أولائكا
ونحنُ قتلنا جندلًا في جموعهِ ... ونحنُ قتلنا شيخهُ قبلَ ذلكا
1 / 56