أن تكون النون في "جُنْدَب" زائدة؛ لأنه ليس في الكلام مثل "جُعْفَر". فهذا على مذهب سيبويه؛ لأنه ليس عنده أن في الأصول مثال "فُعْلَل". فأما أبو الحسن، فقال أبو علي: إن قياس قوله أن تكون النون في "جندب" وبابه من الأصل حتى تقوم دلالة على زيادتها؛ لأنه قد حكي عنهم: "جُخْدَب" بفتح الدال، وقد ذكرت هذا فيما مضى من الكتاب.
قال: ولا حجة له في قولهم: "جُؤْذَر"؛ لأنه أعجمي، فإن كان الجندب من الجدب -لأنه مما يصحبه- فالنون فيه زائدة غير ملحقة على مذهب سيبويه، وهي زائدة ملحقة على مذهب أبي الحسن.
وأما عُنْصَر: فيجوز عندي أن يكون من: عصرتُ الشيء؛ لأن العُنْصُر هو أصل الشيء. وإذا عُصِرَ الشيء فكأنه يرجع إلى أصله وجوهره بما يلحقه من شدة العصر. ومثل هذا قولهم في التهدد بالشر: "والله لأرُدَّنَّكَ إلى أصلك" أو لأن الإنسان١ من عصارة أبيه.
فهذا من طريق الاشتقاق، والقياس أيضا يوجب زيادتها بغير اشتقاق.
وأما قُنْبَر: فيضاف فيه إلى القياس، أنهم قد قالوا فيه: "قُبَّر" والمعنى واحد. قال الراجز:
يا لك من قبرة بمعمر
خلا لك الجوّ فبيضي واصْفِري
وقوله: "فهذا بمنزلة ما اشتققت منه ما تذهب فيه النون".
يقول: إن لم يوجد في الأصول بناء "سَفَرْجُل وجُعْفَر" "فهذا"٢ بمنزلة وجدانك اشتقاق هذا بغير نون.
١ ظ، ش: كأنه.
٢ فهذا: لم يرد في النسخ الثلاث، والمقام يقتضيه فزدناه من عندنا؛ قياسا على قول المتن المشروح.