هذه معان متساوية غير أن أبا الطيب قد جاء بالكثير الطويل في الموجز القليل فهو أولى بما أخذ.
وقال المتنبي:
رأتْ وجْهَ من أهْوَى بليلٍ عَواذلي ... فَقُلْنَ نرى شمسًا وما طَلَع الفَجْرُ
هذا من المستعمل قال الأول في معناه:
تراءت لنا والليلُ من دونِها سَترُ ... فكانَ لنا من غيرِ نحريهما فَجرُ
وقلت لها من أنْتِ قالتْ: تعجبًا ... يُقال كذا للبدر من أنْتَ يا بدرُ
هذا كلام مستعذب والبيت الأول يقارب معنى أبي الطيب وفي الثاني زيادة مليحة عذبة تخبر عن تعجبها من سؤاله إيّاها عنها وهي أشهر من أن يسأل عنها وقال ابن المعتز:
ولمْ أدرِ أنَّ ألبانَ يُغْرسُ في النّقا ... ولا أنَّ شمسًا في الظلام تَطوفُ
فشغل صدر البيت من غرس ألبان في النقى بمعنى غريب، وعجب من شمس تطوف في الظلام كما عجب أبو الطيب من رؤية شمس ولم يطلع الفجر فجمع بين الصفتين وزاد في الكلام ما هو من التمام فهو أولى بقوله.
وقال المتنبي:
رأيْنَ التي للسحرِ في لَحظاتِها ... سُيوفُ ظباها مَنْ دمى أبدًا حُمْرُ
بينا هو يصفها بأنها كالشمس إذ خرج إلى وصف سحر جفونها وما يفعله به وكان ينبغي أن يجود صنعته ولا يخرج الكلام عن نور وجهها فيقول:
رأين التي للنور فِيها تألق ... يرد عيون الناظرين بها كَسر