نص المناظرة
[ بسم الله الرحمن الرحيم ]
? ذكر الإمام ابن أبى يعلى في كتابه ((طبقات الحنابلة)) (ج 2 ص 128) في ترجمة الشيخ (( أبي إسحاق إبراهيم بن احمد بن شاقلا البزار) المتوفى سنة 369ه :
? قرأت بخط الوالد السعيد قال : نقلت من خط (أبي بكر بن شاقلا) , قال أخبرنا أبو إسحاق بن شاقلا قراءة عليه قال :
Página 3
قلت (لأبي سليمان الدمشقي) : بلغنا أنك حكيت فضيلة الرسول صلى الله عليه وسلم في ليلة المعراج , وقوله في الخبر ((...وضع يده بين كتفي, فوجد بردها )), وذكر الحديث(¬1) فقال لي : هذا إيمان ونية , لأنه أريد مني روايته , وله عندي معنى غير الظاهر
قال : وأنا لا أقول مسه
فقلت له : وكذا تقول في آدم لما خلقه بيده
قال : كذا أقول : إن الله عز وجل لا يمس الأشياء
فقلت له : سويت بين آدم وسواه , فأسقطت فضيلته , وقد قال الله تعالى : { يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي } (ص: من الآية75)
قلت له : هذا رويته لأنه أريد منك على رغمك , وله عندك معنى غير ظاهره , وإلا سلمت الأحاديث التي جاءت في الصفات , ويكون لها معاني غير ظاهرها , أو ترد جميعها
فقال لي : مثل أي شيء ؟
فقلت له : مثل الأصابع , والساق , والرجل , والسمع , والبصر , وجميع الصفات التي جاءت في الأخبار الصحاح , حتى إذا سلمتها كلمناك على ما ادعيته من معانيها التي هي غير ظاهرها
فقال لي منكرا لقولي : من يقول رجل ؟
فقلت : أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم
فقال : من عن أبي هريرة ؟
فقلت : همام
فقال : من عن همام ؟
فقلت معمر فقال من عن معمر ؟
فقلت: عبد الرزاق
فقال لي : من عن عبد الرزاق ؟
فقلت له : أحمد بن حنبل
فقال لي : عبد الرزاق كان رافضيا
فقلت له : من ذكر هذا عن عبد الرزاق
فقال لي : يحيى بن معين
فقلت له : هذا تخرص على يحيى, إنما قال يحيى : كان يتشيع, ولم يقل رافضيا(¬1)
فقال لي : الأعرج عن أبي هريرة بخلاف ما قاله همام
قلت له : كيف ؟
Página 4
قال : لأن الأعرج قال : (( يضع قدمه )) فقلت له : ليس هذا ضد ما رواه همام, وإنما قال هذا قدم, وقال هذا رجل, وكلاهما واحد(¬1), ويحتمل أن يكون أبو هريرة سمع من النبي صلى الله عليه وسلم مرتين , وحدث به أبو هريرة مرتين , فسمع الأعرج منه في إحدى المرتين ذكر القدم , وسمع منه همام ذكر الرجل
فقال لي : همام غلط
فقلت له : هذا قول من لا يدري
Página 5
ثم قال لي : والأصابع في حديث ابن مسعود(¬2) , تقول به
فقلت له : حديث ابن مسعود صحيح من جهة النقل , رواه الناس , ورواه الأعمش عن إبراهيم , عن علقمة , عن عبد الله
فقال لي : هذا قاله اليهودي
فقلت له : لم ينكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله , قد ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقا لقوله(¬1)
فأنكر أن يكون هذا اللفظ مرويا من أخبار ابن مسعود
فقلت له : بلى , هذا رواه منصور , والأعمش جميعا , عن إبراهيم, عن أبي عبيدة :
Página 6
(( أن يهوديا أتى النبي صلى الله عليه وسلم, فقال : يا محمد إن الله عز وجل يمسك السماوات على إصبع, والأرضين على إصبع, والجبال على إصبع, والخلائق على إصبع, والشجر على إصبع ))
وروى : (( والثرى على إصبع , ثم يقول : أنا الملك , فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم , تصديقا لما قال الحبر )) هكذا رواه الثوري , وفضيل بن عياض.
فقال لي : قد نزل القرآن بالتكذيب , لا بالتصديق, فقال الله تعالى : { وما قدروا الله حق قدره }
فقلت له : قد نزل القرآن بالتصديق , لا بالتكذيب , بدلالة قوله تعالى في سياق الآية : { وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه } (الزمر: من الآية67) , ثم نزه نفسه عز وجل عما يشرك به من كذب بصفاته , فقال : { سبحانه وتعالى عما يشركون }
وقوله { وما قدروا الله حق قدره } لا يمنع من إثبات الأصابع صفة له , كما ثبتت صفاته التي لا أختلف أنا وأنت فيها , ومع هذا فما قدروا الله حق قدره , كذلك أيضا نثبت الأصابع صفة لذاته تبارك وتعالى , وما قدروا الله حق قدره
فلما رأى ما لزمه قال : هذا ظن من ابن مسعود أخطأ فيه
فقلت له : هذا قول من يروم هدم الإسلام, والطعن على الشرع , لأن من زعم أن ابن مسعود ظن ولم يستيقن فحكى عن النبي صلى الله عليه وسلم على ظنه فقد جعل إلى هدم الإسلام مقاتله , هذه بأن يتجاهل أهل الزيغ فيتهجموا على كل خبر جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يوافق مذهبهم , فيسقطونه بأن يقولوا :
Página 7
هذا ظن من الصحابة على رسول الله صلى الله عليه وسلم. إذ لا فرق بين ابن مسعود , وسائر الصحابة رضي الله عنهم , وهذا ضد ما أجمع عليه المسلمون , وقد أكذب القرآن مقالة هذا القائل في الآية التي شهد فيها لابن مسعود بالصدق في جملة الصحابة ثم قلت له : والأصابع قد رواها عن النبي صلى الله عليه وسلم أيضا أصحابه, منهم أنس بن مالك في حديث الأعمش عن أبي سفيان عن أنس رضي الله عنه قال :
(( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول : يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك
قال : قلنا : يا رسول الله , آمنا بك , وبما جئت به , فهل تخاف عليها ؟, قال : نعم , إن القلوب بين إصبعين من أصابع الله عز وجل يقلبها ))(¬1)
Página 8
[ حديث الصورة ] ? ثم قال لي : تروي حديث أبي هريرة (( خلق آدم على صورته ))(¬1), ويومىء إلى أنه مخلوق على صورة آدم , فقلت له : قال أحمد بن حنبل : من قال : إن آدم خلقه عز وجل على صورة آدم فهو جهمي , وأي صورة كانت لآدم قبل خلقه(¬2)
فقال لي : قد جاء الحديث عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : (( إن الله خلق آدم على صورة آدم ))
فقلت له : هذا كذب على النبي صلى الله عليه وسلم
Página 9
فقال لي : بلى قد جاء في الحديث : (( طوله ستون ذراعا )) [ على ](¬3)أنه آدم فقلت له : قد [ رد ](¬1)هذا , وليس هو الذي ادعيت على رسول الله صلى الله عليه وسلم , لأنك قلت عن النبي صلى الله عليه وسلم : (( إن الله خلق آدم على صورة آدم )) , ثم استدللت بقوله : (( ستون ذراعا )) على أنه آدم , وهذا خبر جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم : (( إن الله خلق آدم على صورته ))
وروى جرير عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عطاء عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( لا تقبحوا الوجوه , فإن الله خلق آدم على صورة الرحمن ))(¬2)
قال أبو إسحاق : وهذا الحديث يذكر عن إسحاق بن راهويه أنه صحيح مرفوع
Página 10
وأما احمد بن حنبل فذكر أن الثوري أوقفه على ابن عمر , [ فكلاهما الحجة فيه على من خالفه , فإن كان رفعه صحيحا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقد سقط العذر , وإن كان ابن عمر القائل له فقد اندحض بقول ابن عمر تأويل من حمل قوله على صورته ](¬3) قال أبو إسحاق : وهذا لم يجر بيني وبينه , وإنما بينته لأصحابي ليفهموه(¬1)
Página 11
ثم قلت له : قوله (( خلق آدم على صورته )) لا يتأول لآدم على صورة آدم , لما قاله أحمد , وأي صورة كانت لآدم قبل خلقه ؟ , فقد فسد تأويلك من هذا الوجه , وفسد أيضا بقول ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: (( إن الله خلق آدم على صورة الرحمن تبارك وتعالى ))(¬2) وأما الاستدلال بقوله صلى الله عليه وسلم : (( طوله ستون ذراعا )) فإن كانت هذه اللفظة محفوظة فكأن قوله : (( خلق آدم على صورته )) فتم الكلام , ثم قال : (( طوله ستون ذراعا )) إخبارا عن آدم بذلك على حديث الثوري , عن أبي الزناد , عن موسى بن أبي عثمان , عن أبي هريرة رضي الله عنه , عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( إن الله عز وجل خلق آدم على صورته )) , ذكرت بدلالة حديث ابن عمر رضي الله عنهما, وما ذكرته عن أحمد
[ حديث تقليب القلوب بين أصبعين من أصابع الله ]
Página 12
فقال لي جوابا عن حديث أنس : (( إن القلوب بين إصبعين من أصابع الله يقلبها ))(¬1): إنما هما نعمتان فقلت له : هذا الخبر يقول إن الأصبعين نعمتان , واليدين صفة للذات , ولم يتقدمك بهذا أحد إلا عبد الله بن كلاب القطان(¬1) , الذي إنتحلت مذهبه , ولا عبرة في التسليم للأصابع , والتأويل لها على ما ذكرت إن القلوب بين نعمتين من نعم الله عز وجل(¬1) [ حديث الساق ]
ثم قال لي : وهذا مثل روايتكم عن ابن مسعود في قوله عز وجل { يوم يكشف عن ساق } (القلم: من الآية42) إن الله عز وجل يكشف عن ساقه يوم القيامة(¬1)
فقلت له : هذا رواه ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم
فأنكره عن النبي صلى الله عليه وسلم , وقال هذا من كلام ابن مسعود , وقد روى عن ابن عباس أنه قال : الشدة(¬2)
فقلت له : إنما نذكر ما جاء عن الصحابة إذا لم نجد عن النبي صلى الله عليه وسلم
فقال لي : تحفظه عن النبي صلى الله عليه وسلم
قلت : نعم هذا رواه المنهال ابن عمرو, عن أبي عبيدة بن عبد الله, عن مسروق ابن الأجدع, حدثنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
Página 15
(( يجمع الله الأولين والآخرين لميقات يوم معلوم, وينزل الله عز وجل في ظلل من الغمام, وذكر الحديث بطوله وقال فيه : ... فيأتيهم الله تبارك وتعالى فيقول لهم : ما لكم لا تنطلقون كما انطلق الناس ؟ , فيقولون : لنا إله فيقول : هل تعرفونه إن رأيتموه ؟ , فيقولون : نعم بيننا وبينه علامة, إن رأيناها عرفناه, قال : فيقول : ما هي ؟ فيقولون : يكشف عن ساقه, قال :فعند ذلك يكشف عن ساقه, قال : فيخر من كان بظهره طبق, ويبقى قوم ظهورهم كأنها صياصي البقر, يريدون السجود فلا يستطيعون, وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون )) في حديث فيه طول(¬1) وقد روى أيضا من طريق أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم
فقال : أبو هارون العبدي(¬1)عن أبي سعيد الخدري ؟
فقلت له : هذا في ((صحيح البخاري)) فليس من شرطه أبو هارون العبدي , لضعفه عنده , وعند أئمة أهل العلم, ولم يحضرني إسناده في وقت كلامي له
وأخرجته من ((صحيح البخاري)) كما ذكرته أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن محمد ابن زياد المقري , يعرف بالنقاش , قال حدثنا محمد بن يوسف , قال حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري , قال حدثنا آدم , قال حدثنا الليث, عن خالد ابن يزيد, عن سعيد بن أبي هلال , عن زيد بن أسلم , عن عطاء بن يسار , عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول :
Página 17
(( يكشف ربنا تبارك وتعالى عن ساقه, فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة, ويبقى من كان يسجد له في الدنيا رياء وسمعة, فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقا واحدا ))(¬1) [حديث رأيت ربي في أحسن صورة ]
Página 19
? ثم قال لي : وتقول بحديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم : (( رأيت ربي...))(¬1) فقلت له : رواه حماد بن سلمة, عن قتادة, عن عكرمة, عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم
فقال لي: حماد بن سلمة ضعيف(¬1)
فقلت من ضعفه ؟
فقال لي : يحيى القطان
فقلت له : هذا تخرص على يحيى , لم يقل يحيى هذا , وإلا فمن حدثك ؟ , فلم يقل من حدثه
وقال لي: أيما أثبت عندك حماد بن سلمة أو سماك ؟
Página 20
قلت : حماد بن سلمة أثبت , وسماك مضطرب الحديث فنازعني في هذا, والذي أجبته به بأن حماد بن سلمة ثقة , وسماك مضطرب الحديث هو جواب أحمد فيهما(¬1), ولم أدر ما أراد بسماك , وخرجنا من ذلك ولم أسأله
ثم قلت له : هذه الأحاديث تلقاها العلماء بالقبول , فليس لأحد أن يمنعها , ولا يتأولها , ولا يسقطها , لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لو كان لها معنى عنده غير ظاهرها لبينه , ولكان الصحابة حين سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم سألوه عن معنى غير ظاهرها , فلما سكتوا وجب علينا أن نسكت حيث سكتوا, ونقبل طوعا ما قبلوا
Página 21
فقال لي : أنتم المشبهة(¬2) فقلت : حاشا لله, المشبهة الذي يقول : وجه كوجهي , ويد كيدي , فأما نحن فنقول : له وجه كما أثبت لنفسه وجها , وله يد كما أثبت لنفسه يدا , وليس كمثله شئ , وهو السميع البصير , ومن قال : هذا فقد سلم
ثم قلت له : أنت مذهبك أن كلام الله عز وجل ليس بأمر , ولا نهي ,ولا متشابه , ولا ناسخ , ولا منسوخ , ولا كلامه مسموع , لأن عندك الله عز وجل لا يتكلم بصوت , وأن موسى لم يسمع كلام الله عز وجل بسمعه , وإنما خلق الله عز وجل في موسى فهما فهم به
[ مسألة الإحتجاج بأحاديث الآحاد في لعقيدة ]
فلما رأى ما عليه في هذا من الشناعة قال : فلعلي أخالف ابن الكلاب القطان في هذه المسألة من سائر مذهبه.
ثم قلت له : ومن خالف الأخبار التي نقلها العدل عن العدل , موصولة بلا قطع في سندها , ولا جرح في ناقليها, وتجرأ على ردها فقد تهجم على رد الإسلام , لأن الإسلام وأحكامه منقولة إلينا بمثل ما ذكرت
فقال لي : الأخبار لا توجب عندي علما
فقلت له : يلزمك على [ قود ](¬1)مقالتك أنك لو سمعت أبا بكر , وعمر , وعثمان , وعليا , وطلحة , والزبير , وسعدا , وسعيدا , وعبد الرحمن بن عوف , وأبا عبيدة ابن الجراح يقولون : سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : كذا وكذا , أنك لا تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم
Página 22
قال : من ذلك شيئا لقولهم سمعنا فلم ينكر من ذلك شيئا غير الشناعة ثم قال لي : أخبار الآحاد في الصفات اغسلها , وهي عندي والتراب سواء , ولا أقول منها إلا بما قام في العقل تصديقه(¬1)
قلت له : فلم أتعبت نفسك في كتبها , وسعيت إلى الشيوخ فيها , وأنصبت نفسك وأتعبتها , وأسهرت ليلك بما لا تدين الله عز وجل به , ولا تزداد به علما
فأجابني بأن قال : كتبته حتى أتمم به الأبواب إذا أردت تخريجها
فقلت له : تخرج للمسلمين ما لا تدين به
فقال : نعم لأعرفه
Página 23
فقلت له : تعني المسلمين على قود مقالتك, والحق في غير ما ذكرت ثم قلت له : خرقت الإجماع لأن الأمة بأسرها اتفقت على نقلها , ولم يكن نقل ذلك عبثا ولا لعبا , ولو كان نقلهم لها كترك نقلهم لها لكانوا عابثين , وحاشا لله من ذلك , ومن كانت هذه مقالته فقد دخل تحت الوعيد في قوله عز وجل : { ومن [ يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى و](¬1)يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا) (النساء:115) ولما كانت أخبار الآحاد في الصفات لا توجب عملا دل على أنها موجبة للعلم , فسقط بهذا ما ادعاه من لم ينتفع بعلمه , وتهجم على إسقاط كلام الرسول صلى الله عليه وسلم , بنقل العدل عن العدل , موصولا إليه برأيه وظنه
[مسألة محاسبة الكفار ]
ثم ذكرت حساب الكفار
فقال لي قد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أبي الأحوص , عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه , عن النبي صلى الله عليه وسلم : (( إن الكافر ليحاسب حتى يقول : أرحني ولو إلى النار ))(¬2)فهل قلت به ؟
Página 24
فقلت له : ليس يحل ما روى صحيحا , أو سقيما أن نقول به , وإنما تعبدنا بالصحيح دون السقيم , والصحيح معلوم عند أهل النقل بعدالة ناقليه , متصلا إلى المخبر عنه , والسقيم معلوم بجرح ناقليه , وهذا الخبر الذي رويته رواه إبراهيم بن مهاجر بن مسمار(¬1), يعني وهو متروك الحديث , ضعيف عند أهل العلم , وليس مثل هذا مما تقوم به حجة
فقال لي : فأي شئ معك في أنهم لا يحاسبون ؟
فقلت له : إن شئت من كتاب الله , وإن شئت من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم , وإن شئت من قول صحابته رضي الله عنهم
فقال لي منكرا لقولي في الصحابة : من قال هذا ؟
فقلت : نعم قرأت على أبي عيسى يحيى بن محمد بن سهل الخصيب العكبري بعكبرا , قال : حدثنا محمد بن صالح بن ذريح العكبري , قال حدثنا محمد بن هناد ابن السري , قال حدثنا معاوية , عن هشام بن عروة , عن أبيه , عن عائشة رضي الله عنها قالت :
Página 25
(( من حوسب دخل الجنة , يقول الله تعالى : { فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا , وينقلب إلى أهله مسرورا } (الانشقاق:7-11) , ويقول للآخرين يعني الكفار { فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان , يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام } (الرحمن 39-41)(¬1)
فقال لي : قد سمعت هذا الحديث من أبي علي الصواف , قال حدثنا أبو بكر بن عبد الخالق , قال حدثنا أبو الحسين عبد الوهاب الوراق , عن أبي معاوية الضرير , عن هشام بن عروة , عن أبيه , عن عائشة بمثل معناه يعني (( من حوسب دخل الجنة))
فقال لي : هو المسلم [ المحترم ](¬2)
Página 26