شغل الأستاذ فيليب بولس - معالي وزير العدلية الآن - منصب وزارة التربية الوطنية والشباب، فكان كما كان في أمسه - وسيكون في غده - مخلصا غيورا.
وهكذا يتحول وكيل الأمة عن دسته منوها به.
استحق الأستاذ بولس شكر الثقافة، وما شكر الثقافة بقليل. ليس لرجالها وسام فيمنحونه باسمها لمن يستحق شكرها، ولكن لهم كل الحق في أن يثنوا على رجل كان من ذوي الإرادة الحسنة، سعى جهده ليجعل مستوى التعليم رفيعا.
قلت التعليم، ولم أقل التربية؛ إذ لا تربية وطنية عندنا، فلقب وزارة التربية الوطنية - بله الشباب التي لم تعمر غير شهور - حمل ثقيل يستنيخ تحته هذا المنصب الجليل.
وجهت كلمة إلى هذه الوزارة حين استهل امتحان حزيران، فذهبت مع دوي المدافع وأزيز الطائرات، فلم تكن أسعد حظا من كلمات قبلها حول المنهاج، وجهناها إلى الأستاذ بو شهلا ومن ملكوا بعده سعيدا.
والآن كما بدأنا هذا الأمر نعيده مع الأستاذ رامز أفندي سركيس - معالي وزير التربية الوطنية.
كم كنت أتمنى أن ينتهي حديثي عن المدارس والتعليم عندنا فلا أضطر إلى استئنافه، ولكن يظهر أنه موال فرنجي: «ترلم ترلم» كأناشيد جدجد لافونتين، الذي غنى القصائد ففاته الحصائد، وراح يشحذ من النملة ما يسد به جوع بطنه.
لست أرجو حل هذه العقدة، فهي لم تحل بعد كما يرجو أحرار الفكر في الدول العوانس، فكيف يرجى تحقيقها في دولة لم تشب بعد عن الطوق؟
ولكن الدواء - إذا وجد - فمصدره غرفة هذه الوزارة، ولا يحقق فكرة الدولة - بعد سنين طبعا - غير هذا الكرسي، والدولة لا تعمل بمرسوم، بل تتكون في الرءوس والنفوس، ولا يقال لها: كوني فتكون.
أساس الدولة البيت والمدرسة، فهل لبيوتنا يد في هذا العمل الخطير الذي لا يكون إلا موحدا؟ وهل لمدارسنا - رسمية وخصوصية - هدف غير التعليم؟
Página desconocida