Reyes de las Taifas y reflexiones sobre la historia del Islam
ملوك الطوائف ونظرات في تاريخ الإسلام
Géneros
وقد تم له ذلك - فيما بعد - تدريجا، وكان يدرك أنه في حاجة ماسة إلى وجود عدد من الجند تحت إمرته، وليس لهذا العدد وجود، ولم يشك في أن الأرستقراطية العظيمة المجيدة في إشبيلية لا بد أن تثور على صعلوك مثله غير معروف النسب، يسمو إلى تسنم ذروة الخلافة، ولم يكن ثمة شيء غير هذا في الواقع، وقد وقع هذا حقيقة عندما أوشك بنو عباد أن يؤسسوا الخلافة لأنفسهم.
وثمة زعم آل عباد أنهم من سلالة ملوك لخم الذين كانوا يحكمون الحيرة قديما قبل ظهور محمد
صلى الله عليه وسلم
وكان الشعراء الذين يريدون إشباع بطونهم يتحينون الفرص للإشادة بهذا النسب العريق المزعوم، على أنه لم يوجد ما يبرر هذا الزعم، لأن بني عباد والمتزلفين إليهم ومن يتملقونهم لم يستطيعوا أن يقيموا الدليل على ذلك، وكل ما يربط هذه الأسرة بملوك الحيرة أنها تنتسب إلى قبيلة لخم اليمنية التي ينتسب إليها ملوك الحيرة. ولكن فرع أسرة آل عباد الذي تسلسل منه آباؤهم لم يقطن - على ما يظهر - الحيرة بتاتا، بل كانوا يقيمون أخيرا قرب العريش الواقعة على حدود مصر وسوريا في ناحية حمص.
وعلى الرغم من أن آل عباد بذلوا ما في استطاعتهم كي يصلوا نسبهم بملوك الحيرة فإنهم لم يستطيعوا أن يصعدوا به إلى أبعد من نعيم والد عطاف، وكان عطاف هذا على رأس كتيبة من جنود حمص، وقد رحل إلى إسبانيا مع بلج حيث أعطيت لجنود حمص أراض على مقربة من إشبيلية، وأقام على ضفاف الوادي الكبير، وقد انحدر عن أصل هذه الأسرة فروع فيما يقرب من سبعة أجيال أخرجت ببطء من ظلمة الماضي أناسا صالحين عاملين مقتصدين، وإسماعيل والد القاضي هو عنوان مجدها، وهو الذي خط بيمينه - في الصحيفة الذهبية لنبلاء إشبيلية - اسم عباد.
7
ولا غرو فقد كان إسماعيل من حملة الأقلام والسيوف، وكان رجل فقه ودين كما كان رجل حرب وطعان، فقد تولى قيادة فرقة في حرس هشام الثاني، ثم صار - فيما بعد - إماما لمجلس قرطبة الكبير، ثم قاضيا لإشبيلية، واشتهر بالفقه والذكاء والورع وإرشاد العامة، وإسداء النصح للكافة، وكانت شهرته في النزاهة تربو على شهرته في غير ذلك من الأمور، فهو - على الرغم من انتشار الفساد والرشوة - كان يتورع عن أن يقبل هبة من سلطان أو وزير، وكان كريما إلى أبعد غايات الكرم، وقد لقي القرطبيون منه كرم الضيافة، وحسن العشرة، فجعلته كل هذه المزايا والصفات جديرا أن يحرز أكبر ألقاب النبل والسؤدد في الغرب.
وقبيل العهد الذي نحن بصدده توفي إلى رحمة الله في غضون سنة 1019م.
وربما كان ابنه أبو القاسم محمد يماثله علما وأدبا، وإن كان لا يدانيه خلقا وفضلا، فقد كان أنانيا ذا أثرة وطمع وصلف وتكبر وإنكار للجميل، وقد حدث على أثر وفاة أبيه أن طمع في أن يخلفه في منصب القضاء، ولكن القوم آثروا عليه غيره، فتقدم بالرجاء إلى قاسم بن حمود فنال - بفضل قاسم - منصب القضاء الذي كان يؤمله.
وقد يرى المتتبع للحوادث فيما بعد كيف كان نكرانه لهذا الجميل . (5) قاضي إشبيلية
Página desconocida