Resumen de Zad al-Maad
مختصر زاد المعاد
Editorial
دار الريان للتراث
Número de edición
الثانية
Año de publicación
١٤٠٧هـ - ١٩٨٧م
Ubicación del editor
القاهرة
وانصرفا» . وَدُعِيَ زَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ، حَتَّى جَاءَ اللَّهُ بالإسلام، فنزلت: ﴿ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ﴾ [الْأَحْزَابِ: ٥] (١) فَدُعِيَ مِنْ يَوْمِئِذٍ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ. قال معمر عَنِ الزُّهْرِيِّ: مَا عَلِمْنَا أَحَدًا أَسْلَمَ قَبْلَ زيد. وأسلم ورقة بن نوفل، وَفِي " جَامِعِ الترمذي «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ رَآهُ فِي الْمَنَامِ فِي هيئة حسنة» . ودخل الناس في دين الله وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ، وَقُرَيْشٌ لَا تُنْكِرُ ذَلِكَ حتى بادأهم بعيب دينهم، وسب آلهتهم، فَحِينَئِذٍ شَمَّرُوا لَهُ وَلِأَصْحَابِهِ عَنْ سَاقِ الْعَدَاوَةِ، فحمى الله رسوله بأبي طالب؛ لأنه كان شريفا معظما فيهم، وَكَانَ مِنْ حِكْمَةِ أَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ بَقَاؤُهُ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْمَصَالِحِ الَّتِي تَبْدُو لِمَنْ تَأَمَّلَهَا. وَأَمَّا أَصْحَابُهُ، فَمَنْ كانت له عشيرة تحميه امتنع بهم، وسائرهم تصدوا له بالعذاب، ومنهم عمار وأمه وأهل بيته، فإنهم عُذِّبُوا فِي اللَّهِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا مَرَّ بِهِمْ وَهُمْ يُعَذَّبُونَ يَقُولُ: «صَبْرًا يَا آلَ يَاسِرٍ، فَإِنَّ موعدكم الجنة» . ومنهم بلال، فإنه عذب في الله أشد العذاب، هان عليهم، وَهَانَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ فِي اللَّهِ، وَكَانَ كُلَّمَا اشتد به الْعَذَابُ يَقُولُ: أَحَدٌ أَحَدٌ، فَيَمُرُّ بِهِ ورقة بن نوفل، فَيَقُولُ: إِي وَاللَّهِ يَا بلال أَحَدٌ أَحَدٌ، أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ قَتَلْتُمُوهُ لَأَتَّخِذَنَّهُ حنانا. ولما اشتد أذاهم على المؤمنين، وفتن منهم من فتن، أذن الله سبحانه لهم في الهجرة الْأُولَى إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ هاجر إليها عثمان ومعه زوجته رقية بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وكانوا اثنى عشر رجلا وأربع نسوة، خرجوا مُتَسَلِّلِينَ سِرًّا، فَوَفَّقَ اللَّهُ لَهُمْ سَاعَةَ وُصُولِهِمْ إلى الساحل سفينتين، فحملوهم، وكان مخرجهم في رجب من السَّنَةِ الْخَامِسَةِ مِنَ الْمَبْعَثِ، وَخَرَجَتْ قُرَيْشٌ فِي آثارهم حتى جاءوا ساحل البحر، فلم يدركوهم، ثُمَّ بَلَغَهُمْ أَنَّ قُرَيْشًا قَدْ كَفُّوا عَنِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَرَجَعُوا، فَلَمَّا كَانُوا دون مكة بساعة، بلغهم أنهم أشد ما كانوا عداوة، فدخل من دخل منهم بِجِوَارٍ. وَفِي تِلْكَ الْمَرَّةِ «دَخَلَ ابْنُ مَسْعُودٍ، فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ وَهُوَ فِي الصلاة، فلم يرد عليه»، هذا هو الصواب، كذا قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: وَبَلَغَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الَّذِينَ خَرَجُوا إلى الحبشة إسلام أهل مكة، فأقبلوا
_________
(١) سورة الأحزاب، الآية: ٥.
1 / 101