Resumen de Zad al-Maad
مختصر زاد المعاد
Editorial
دار الريان للتراث
Número de edición
الثانية
Año de publicación
١٤٠٧هـ - ١٩٨٧م
Ubicación del editor
القاهرة
أبا ذر لما حضرته الوفاة بكت امرأته، فقال: ما يبكيك؟ فقالت: تَمُوتُ بِفَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ، وَلَيْسَ عِنْدِي ثَوْبٌ يسعك كفنا أكفنك فيه، ولا يدان لي في تغسيلك، فقال: لا تَبْكِي، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ لِنَفَرٍ أَنَا فِيهِمْ: «لَيَمُوتَنَّ رَجُلٌ مِنْكُمْ بِفَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ، يَشْهَدُهُ عِصَابَةٌ من المسلمين»، وليس من أولئك أحد إلا مات في قرية، فأنا الرجل، والله ما كذبتُ، ولا كُذبتُ فأبصري الطريق. قالت: فكنت أشتد إِلَى الْكَثِيبِ أَتَبَصَّرُ، ثُمَّ أَرْجِعُ فَأُمَرِّضُهُ، فَبَيْنَا نحن كذلك إذا أَنَا بِرِجَالٍ عَلَى رِحَالِهِمْ كَأَنَّهُمُ الرَّخم تَخُبُّ بهم رواحلهم، قالت: فأشرت إليهم فأسرعوا حَتَّى وَقَفُوا عَلَيَّ فَقَالُوا: يَا أَمَةَ اللَّهِ، مَا لَكِ؟ قُلْتُ: امْرُؤٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَمُوتُ تكفنونه قالوا: من هُوَ؟ قُلْتُ: أبو ذر، قَالُوا: صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. فَفَدَوْهُ بِآبَائِهِمْ وَأُمَّهَاتِهِمْ، وَأَسْرَعُوا إِلَيْهِ حَتَّى دَخَلُوا عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُمْ: أَبْشِرُوا فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، وحدثهم الحديث. . . ثم قال: أما إِنَّهُ لَوْ كَانَ عِنْدِي ثَوْبٌ يَسَعُنِي كَفَنًا لِي أَوْ لِامْرَأَتِي لَمْ أُكفَّن إِلَّا فِي ثوب هو لي أو لها، وإني أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ أَنْ لَا يُكَفِّنَنِي رَجُلٌ مِنْكُمْ كَانَ أَمِيرًا أَوْ عَرِيفًا أَوْ بَرِيدًا أَوْ نَقِيبًا، وَلَيْسَ مِنْ أُولَئِكَ النَّفَرِ أَحَدٌ إِلَّا وَقَدْ قَارَفَ بَعْضَ مَا قَالَ إِلَّا فَتًى من الأنصار قال: يا عم أنا أكفنك في ردائي هذا أو في ثوبين في عيبتي من غزل أمي. قال: أنت تكفنني. فَكَفَّنَهُ الْأَنْصَارِيُّ وَقَامُوا عَلَيْهِ، وَدَفَنُوهُ فِي نَفَرٍ كلهم يمان.
وفي " صحيح مسلم " عن معاذ أن رسول الله ﷺ قال قبل وصوله إلى تبوك: «إِنَّكُمْ سَتَأْتُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَيْنَ تَبُوكَ، وَإِنَّكُمْ لَنْ تَأْتُوهَا حَتَّى يُضْحِيَ النَّهَارُ، فمن جاءها منكم فلا يمس من مائها شيئا حتى آتي، فجئناها وقد سبقنا إِلَيْهَا رَجُلَانِ، وَالْعَيْنُ مِثْلَ الشِّرَاكِ تَبِضُّ بِشَيْءٍ مِنْ مَاءٍ، فَسَأَلَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ هَلْ مسستم مِنْ مَائِهَا شَيْئًا؟ قَالَا: نَعَمْ، فَسَبَّهُمَا النَّبِيُّ ﷺ، وَقَالَ لَهُمَا مَا شاء الله أن يقول، ثم غرفوا بأيديهم من العين حتى اجتمع في شيء قال: وَغَسَلَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِيهِ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، ثُمَّ أَعَادَهُ فِيهَا فَجَرَتِ الْعَيْنُ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ حَتَّى اسْتَقَى النَّاسُ، ثُمَّ قال: يُوشِكُ يَا معاذ إِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ أَنْ تَرَى مَا هَاهُنَا قَدْ مُلِئَ جِنَانًا» .
ولما انتهى إِلَى تَبُوكَ أَتَاهُ صَاحِبُ أَيْلَةَ، فَصَالَحَهُ وَأَعْطَاهُ
1 / 174