Resumen de Zad al-Maad
مختصر زاد المعاد
Editorial
دار الريان للتراث
Número de edición
الثانية
Año de publicación
١٤٠٧هـ - ١٩٨٧م
Ubicación del editor
القاهرة
وهي أول آية نزلت في القتال. انتهى.
وَسِيَاقُ السُّورَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ فِيهَا الْمَكِّيَّ والمدني، فإن قصة إلقاء الشيطان في أمنيته مكية، والله أعلم.
ثم فرض عليهم قتال من قاتلهم، فقال تعالى: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ﴾ [البقرة: ١٩٠] (١) ثُمَّ فَرَضَ عَلَيْهِمْ قِتَالَ الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً وَكَانَ مُحَرَّمًا، ثُمَّ مَأْذُونًا بِهِ، ثُمَّ مَأْمُورًا بِهِ لِمَنْ بَدَأَهُمْ بِالْقِتَالِ، ثُمَّ مَأْمُورًا بِهِ، لِجَمِيعِ الْمُشْرِكِينَ، إِمَّا فَرْضُ عَيْنٍ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، أو كِفَايَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ.
وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ جِنْسَ الْجِهَادِ فَرْضُ عَيْنٍ، إِمَّا بِالْقَلْبِ، وَإِمَّا بِاللِّسَانِ، وَإِمَّا باليد، وإما بالمال، فَعَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يُجَاهِدَ بِنَوْعٍ مِنْ هذه الأنواع، وأما الجهاد بالنفس، ففرض كفاية، وأما بِالْمَالِ، فَفِي وُجُوبِهِ قَوْلَانِ، وَالصَّحِيحُ وُجُوبُهُ، لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْجِهَادِ بِهِ وَبِالنَّفْسِ فِي الْقُرْآنِ سَوَاءٌ، وعلق النجاة من النار والمغفرة، ودخول الجنة به، فقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [الصف: ١٠] (٢) الآيات، وَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وأموالهم، وأعاضهم عنها الْجَنَّةَ، وَأَنَّ هَذَا الْعَقْدَ وَالْوَعْدَ قَدْ أَوْدَعَهُ أفضل كتبه، ثم أكده بِإِعْلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا أَحَدَ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنْهُ ﵎، ثم أكده بأن أمرهم أن يستبشروا بذلك، ثُمَّ أَعْلَمَهُمْ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ، فليتأمل العاقل مع ربه ما أجل هذا العقد، فَإِنَّ اللَّهَ ﷿ هُوَ الْمُشْتَرِي، وَالثَّمَنُ الجنة، والذي جرى على يديه هَذَا الْعَقْدُ أَشْرَفُ رُسُلِهِ، وَأَكْرَمُهُمْ عَلَيْهِ مِنَ الملائكة ومن البشر، وَإِنَّ سِلْعَةً هَذَا شَأْنُهَا لَقَدْ هُيِّئَتْ، لِأَمْرٍ عظيم.
قد هيؤوك لِأَمْرٍ لَوْ فَطِنْتَ لَهُ ... فَارْبَأْ بِنَفْسِكَ أَنْ ترعى مع الهمل
مهر الجنة والمحبة بذل النفس والمال لمالكهما، فَمَا لِلْجَبَانِ الْمُعْرِضِ الْمُفْلِسِ، وَسَوْمِ هِذِهِ السِّلْعَةِ بالله ما هزلت فيسنامها المفلسون، وما كَسَدَتْ فَيَبِيعَهَا بِالنَّسِيئَةِ الْمُعْسِرُونَ، لَقَدْ أُقِيمَتْ لِلْعَرْضِ فِي سُوقِ مَنْ يُرِيدُ، فَلَمْ يَرْضَ رَبُّهَا لَهَا بِثَمَنٍ دُونَ بَذْلِ النُّفُوسِ، فَتَأَخَّرَ الْبَطَّالُونَ، وقام المحبون ينتظرون أيهم يصلح أن تكون نَفْسُهُ الثَّمَنَ، فَدَارَتِ السِّلْعَةُ بَيْنَهُمْ، وَوَقَعَتْ فِي يَدِ ﴿أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ [المائدة: ٥٤] (٣) لما كثر المدعون للمحبة طولبوا
_________
(١) سورة البقرة، الآية: ١٩٠.
(٢) سورة الصف، الآية: ١٠.
(٣) سورة المائدة، الآية: ٥٤.
1 / 120