Resumen de la Obra Doceava Preciosa
مختصر التحفة الاثني عشرية
Investigador
محب الدين الخطيب
Editorial
المطبعة السلفية
Ubicación del editor
القاهرة
Géneros
Doctrinas y sectas
وإذا وجد الترك صار نقمة وبلاء عليهم لا الإرسال، إذ لا يلزم أن يتصف الإرسال بصفة مشروطة بل هو باق على صفة الرحمة التي هي محط امتنانه تعالى به على عباده، ومع هذا يرد عليهم قوله تعالى لنبيه ﷺ ﴿وكذلك أوحينا إليك روحا من امرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان﴾ يعني قبل الوحي، ولو كان الأفعال وقبحها بالمعنى المتنازع فيه مدركا بالعقل قبل ورود الشرع لكان الرسول أحق وأولى بإدراكه، وما كان يصح نفي درايته عنه بالعقل قبل الوحي لأنه أعقل الناس، إذ الإيمان بمعنى الشرائع وهي مستلزمة للحسن والقبح المتنازع فيه بحيث لا يوجدان بذلك إلا معها بالضرورة، ونفي دراية الملزوم مستلزمة لنفي دراية اللازم المساوي، فقد تبين للمنصف مما ذكرنا فساد شبهاتهم التي اتخذوها دلائل، وأن الحسن والقبح بذلك المعنى ليسا إلا شرعيين وهو المطلوب.
ولما ثبت كون الأفعال وقبحها شرعيا وكان شكر المنعم من جملة تلك الأفعال ولا يمكن شكره إلا بمعرفته ولا تحصل المعرفة إلا بالنظر صار في معرفة المنعم واجبا شرعيا عند من قال بشرعية الحسن والقبح وهو الحق أو عقليا عند من قال بعقلية الحسن والقبح.
واعلم أن علماء الأصول اختلفوا في أول ما يجب على المكلف. فقال الإمام الأشعري: هي معرفة الله تعالى إذ يتفرع وجوب الواجبات وحرمة المنهيات. وقال المعتزلة والأستاذ منا: هو النظر فيها إذ هي موقوفة عليه، ومقدمة الواجب المطلق أيضا واجبة، وقيل هي الجزء الأول من النظر أي الحركة من المطالب إلى المبادئ. وقال إمام الحرمين والقاضي أبو بكر وابن فورك: هو المقصد إلى النظر لتوقف الأفعال الاختيارية وأجزائها على القصد، والنظر فعل اختياري.
ثم اعلم أن النظر في معرفة الله تعالى واجب شرعا عند الأشاعرة لقوله تعالى ﴿فانظروا إلى آثار رحمة الله﴾ و﴿قل انظروا ماذا في السماوات والأرض﴾ ولقوله ﷺ «تفكروا في آلاء الله» (١) والأمر هاهنا للوجوب لقوله ﷺ حين نزلت آية ﴿إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب﴾ الآية: «ويل لمن لاكها بين لحييه
_________
(١) المعجم الأوسط وحسنه في صحيح الجامع: ٢٩٧٥.
1 / 77