وأن صورته صورة رجل من نور وعلى رأسه تاج من نور وله قلب تنبع منه الحكمة، وأنه لما أراد خلق العالم تكلم بالاسم الأعظم فطار ووقع تاجا على رأسه، ثم إنه كتب على كتفه أعمال الدنيا، فغضب من المعاصي حتى عرق فاجتمع من عرقه بحران أحدهما ملح مظلم والثاني عذب نير، ثم اطلع في البحر النير فأبصر ظله فانتزع بعض ظله وخلق منه الشمس والقمر وأفنى باقي ظله وقال: لا ينبغي أن يكون معي إله غيري. ثم إنه خلق الخلق كله من البحرين: الكفر من البحر المظلم، والإيمان من البحر النير، ثم أرسل إلى الناس محمدا وهم ضلال، ثم عرض الأمانة على السموات والأرض والجبال وهي أن يمنعن عليا من الإمامة فأبين ذلك، (١) ثم عرضها على الناس فأمر عمر بن الخطاب أبا بكر أن يتحمل منعه من ذلك، وضمن له أن يعينه على الغدر به، بشرط أن يجعل الخلافة له من بعده فقبل منه، وأقدما على المنع متظاهرين عليه. وقوله تعالى ﴿فحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا﴾ يعني أبا بكر. (٢) وزعم هؤلاء أن قوله تعالى ﴿كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر، فلما كفر قال إني برئ منك﴾ نزلت في حق عمر وأبي بكر، وهؤلاء يزعمون أن الإمام المنتظر محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، (٣) وأنه حي لم يمت، وهو مقيم في جبال حاجر إلى أن يؤمر بخروجه. ومنهم من يقول إن الإمام المنتظر هو المغيرة، كذا في «أبكار الأفكار» لسيف الدين الآمدي. (٤) ولم يكن هذا التفصيل في الأصل. (٥)
(الجناحية)
السابعة الجناحية: أصحاب عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر ذي الجناحين، (٦) يزعمون أن الرواح تتناسخ، وأن روح الإله تعالى كانت في آدم ثم في شيث، ثم صارت إلى الأنبياء والأئمة، حتى انتهت إلى عليّ وأولاده الثلاثة من بعده ن ثم صارت إلى عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر وأنه حي لم يمت وأنه يجبل من جبال أصبهان، وكفروا بالقيامة واستحلوا المحرمات من الخمر والميتة وغيرها. (٧)
(البيانية)
الثامنة البيانية: أصحاب بيان بن سمعان التميمي، (٨) زعموا أن الإله تعالى على صورة إنسان، وأنه يهلك كله إلا وجهه لقوله ﴿كل شيء هالك إلا وجهه﴾ وأن روح
_________
(١) مقالات الإسلاميين: ص ٧؛ الفصل: ٤/ ١٤١.
(٢) وتلقف فيما بعد الإمامية هذه العقيدة عن أتباع المغيرة وأوردوها في كتبهم، فروى الصفار عن جابر عن أبي جعفر في تفسير الآية: «قال الولاية أبين أن يحملنها كفرا بها وعنادا وحملها الإنسان، والإنسان الذي حملها أبو فلان». بصائر الدرجات: ٧٦. وهناك رواية قريبة في تفسير القمي: ٢/ ١٩٨. ويعنون بأبي فلان (أبا بكر الصديق) كما صرح الفيض الكاشاني: «وحملها الإنسان يعني الأول إنه كان ظلوما جهولا». تفسير الصافي: ٤/ ٢٠٧.
(٣) هو محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي، أبو عبد الله، يروي عن جماعة من التابعين، قتل بالمدينة سنة ١٤٥هـ. الثقات: ٧/ ٣٦٣؛ الجرح والتعديل: ٧/ ٢٩٥.
(٤) كتاب (أبكار الأفكار) في الكلام لسيف الدين الآمدي، قال عنه حاجي خليفة: «وهو مرتب على ثماني قواعد متضمنة جميع مسائل الأصول». كشف الظنون: ١/ ٤
(٥) أي التحفة الاثني عشرية التي اختصرها المصنف. وينظر اعتقادات فرق المسلمين: ص ٥٨؛ التبصير في الدين: ص ١٢٥؛ الملل والنحل: ١/ ١٧٦
(٦) قال الزبير بن بكار: «كان جوادا شاعرا، وكان قد طلب الخلافة وثار في أواخر دولة بني أمية، وتابعه جماعة»، ثم لما آل الأمر لبني العباس فسجنه أبو مسلم الخراساني، ومات في سجنه سنة ١٣١هـ، قال ابن حزم: «وكان عبد الله بن معاوية رديء الدين معطلا يصحب الدهرية». تاريخ الطبري: ٤/ ٢٧٥؛ لسان الميزان: ٣/ ٣٦٣.
(٧) اعتقادات فرق المسلمين: ص ٥٩؛ الفرق بين الفرق: ص٢٢٥؛ التبصير في الدين: ص ١٢٦؛ تلبيس إبليس: ص١١٩.
(٨) ظهر بالعراق بعد المائة وقال بألوهية علي ﵁ وأن فيه جزءا اتحد بناسوته، ثم من بعده ابنه محمد بن الحنفية ثم في أبي هاشم ولد ابن الحنفية ثم من بعده في بيان هذا، أحرقه بالنار خالد بن عبد الله القسري. ميزان الاعتدال: ٢/ ٧٢؛ لسان الميزان: ٢/ ٦٩.
1 / 11