الحسن ثم الحسين ثم محمد بن الحنفية. (١) وكل فرقة من فرق الشيعة ينقلون عن إمامهم المزعوم أخبارا وروايات في أحكام الشريعة ويدعون تواترها: فالفرقة الأولى من الكيسانية تقول: إن محمد بن الحنيفة ادعى الإمامة بعد موت أبيه وقد نص أبوه على إمامته. والفرقة الثانية أعني المختارية يقولون: إن ادعاء محمد بن علي (٢) للإمامة قد وقع بعد شهادة الإمام الحسين، ولكن رجع في الآخر عن تلك الدعوى وأقر بإمامة ابن أخيه علي بن الحسين - رضي الله تعالى عنهم - أجمعين. وروى الراوندي في (معجزات السجاد) (٣) عن الحسين بن أبي العلاء وأبي المعزي حميد بن المثنى جميعا عن أبي بصير عن أبي عبد الله ﵇ قال: جاء محمد بن الحنفية إلى علي بن الحسين فقال: يا علي ألست تقر أني إمام عليك؟ فقال: يا عم لو علمت ذلك ما خالفتك وإن طاعتي عليك وعلى الخلق مفروضة، يا عم أما علمت أن أبي وصى؟ وتشاجرا ساعة فقال علي بن الحسين: بمن ترضى حتى يكون حكما بيننا؟ فقال محمد: بمن شئت. فقال: ترضى أن يكون بيننا الحجر الأسود؟ فقال: سبحان الله! أدعوك إلى الناس وتدعوني إلى حجر لا يتكلم؟ فقال علي: بلى يتكلم، أما علمت أنه يأتي يوم القيامة وله عينان ولسان وشفتان يشهد على من أتاه بالموافاة، فندنو أنا وأنت فندعو الله ﷿ أن ينطقه سبحانه لنا أينا حجة الله على خلقه فانطلقا ووقفا عند مقام إبراهيم ودنيا من الحجر الأسود وقد كان محمد بن الحنفية قال: لئن لم يجبك إلى ما دعوتني إليه إنك إذن لمن الظالمين فقال علي لمحمد: تقدم يا عم إليه فإنك أسن مني.
فقال محمد للحجر: أسألك بحرمة الله وحرمة رسوله
(١) اعتقادات فرق المسلمين: ص ٦٢؛ الملل والنحل: ١/ ١٤٧.
(٢) هو ابن الحنفية إمام الكيسانية.
(٣) فصل من كتابه الخرائج والجرائح: ١/ ٢٥٥.