Breve Historia de los Ibadíes

Sulayman Baruni d. 1359 AH
74

Breve Historia de los Ibadíes

مختصر تاريخ الإباضية لسليمان الباروني

Géneros

قلت فليتأمل القارئ الحر في هذه الصحف التاريخية البيضاء التي نمق سطورها أئمة تيهرت بالمغرب وأئمة عمان بالمشرق . وهي كما ترى عظيمة القدر جليلة الخطر ، حافلة بجلائل الأعمال ومفاخر الأجيال ، وهي جزء طبيعي من التاريخ الإسلامي المجيد . انظر كيف يمر عليها مر الكرام جمع غير قليل من المؤرخين قديما وحديثا ، في الوقت الذي نراهم لا يغادرون صغيرة ولا كبيرة من الدول إلا سجلوا أعمالها وخلدوا فيما كتبوه ذكرها . وقد يكون البعض منها مما لا يقام له وزن كالدويلات التي لم تعش أكثر من ربع قرن ولم يدخل تحت حكمها إلا آلاف قليلة من بني البشر . فما بالهم يذكرونها في مطولاتهم ومختصراتهم ، ويهجرون ذكر دول قامت على دعائم العدل وقواعد الشرع ، وخدمت الدين والإنسانية والمدنية خدمات تعنو لها جباه المنصفين إجلالا وتقديرا كدولتي بني رستم ونفوسة بالمغرب ودولتي عمان وزنجبار بالمشرق . وقد رفعت من شأن الإسلام وأعلنت مناره وأيدت تعاليمه بما قصر عنه كثير غيرها من الدول الإسلامية . وعمرت قرونا وقرونا ، وخضع لسلطانها ملايين وملايين من النفوس ، وهي إذ ذاك في مجد شامخ وعز باذخ لا يدانيها فيه عشرات من تلك الدويلات مضموم بعضها إلى بعض . فيا سبحان الله ، أنقول إنهم يجهلون تاريخها ونرضى لهم بالجهل وكفى ؟ أم نقول إن هذه الدول لكونها تنسب إلى الأباضية فلا يجمل بهم ذكرها ولا يحسن أن تحشر في زمرة الدول التي دونوا أعمالها ؟ أفيصح ويجوز أن يكون عذرهم هو هذا ؟ اللهم إنه لعذر أقبح من ذنب ما ارتكبوه .

ألا فليعمل العقلاء وليجد النبهاء في إزالة هذه السخافات من بين المسلمين ، وليبادل بعضهم بعضا دراسة تاريخ أمم الإسلام وفرقه بلا تحيز ولا تمييز . وليعلموا أن الخلاف الواقع بين الأباضية والمذاهب الأربعة هو أبسط جدا مما يتصورون .

Página 75