Resumen del Tafsir Ibn Kathir
مختصر تفسير ابن كثير
Editorial
دار القرآن الكريم
Número de edición
السابعة
Año de publicación
1402 AH
Ubicación del editor
بيروت
Géneros
Exégesis
فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾، فَمَنِ اتَّصَفَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ دَخَلَ مَعَهُمْ فِي هذا المدح، كَمَا قَالَ قَتَادَةُ: بَلَغَنَا أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ﵁ فِي حَجَّةٍ حَجَّهَا رأى من الناس دَعَة، فَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾، ثُمَّ قَالَ: (مَن سَرَّهُ أَنْ يَكُونَ من هذه الْأُمَّةِ فَلْيُؤَدِّ شَرْطَ اللَّهِ فِيهَا)، رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، وَمَنْ لَمْ يَتَّصِفْ بِذَلِكَ أَشْبَهَ أَهْلَ الكتاب الذين ذمهم الله بقوله تعالى: ﴿كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ﴾ الآية، ولهذا لما مدح تَعَالَى هَذِهِ الْأُمَّةَ عَلَى هَذِهِ الصِّفَاتِ، شَرَعَ في ذم أهل الكتاب وتأنيبهم، فقال تعالى: ﴿وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ﴾ أَيْ بِمَا أُنْزِلَ على محمد، ﴿لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ، مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ أَيْ قَلِيلٌ مِنْهُمْ مَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْهِمْ، وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى الضلالة والكفر والفسوق وَالْعِصْيَانِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى مُخْبِرًا عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ، وَمُبَشِّرًا لَهُمْ: أَنَّ النَّصْرَ وَالظَّفَرَ لَهُمْ عَلَى أهل الكتاب الكفرة الملحدين فقال تعالى: ﴿لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأدبار ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ﴾، هكذا وَقَعَ فَإِنَّهُمْ يَوْمَ خَيْبَرَ أَذَلَّهُمُ اللَّهُ وَأَرْغَمَ أنوفهم، وَكَذَلِكَ مَنْ قَبْلَهُمْ مِنْ يَهُودِ الْمَدِينَةِ (بَنِي قَيْنُقَاعَ) وَبَنِي النَّضِيرِ وَبَنِي قُرَيْظَةَ كُلُّهُمْ أَذَلَّهُمُ اللَّهُ، وَكَذَلِكَ النَّصَارَى بِالشَّامِ كَسَرَهُمُ الصَّحَابَةُ فِي غَيْرِ مَا مَوْطِنٍ، وَسَلَبُوهُمْ مُلْكَ الشَّامِ أَبَدَ الْآبِدِينَ وَدَهْرَ الدَّاهِرِينَ، وَلَا تَزَالُ عِصَابَةُ الْإِسْلَامِ قائمة بالشام حتى ينزل عيسى بن مريم وهم كذلك، ويحكم بملة الإسلام وشرع مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ، وَلَا يَقْبَلُ إِلَّا الْإِسْلَامَ. ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: ﴿ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَمَا ثُقِفُوا إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ﴾، أَيْ أَلْزَمَهُمُ اللَّهُ الذِّلَّةَ وَالصَّغَارَ أينما كانوا فلا يؤمنون ﴿إِلَّا بِحَبْلٍ مِّنَ اللَّهِ﴾ أَيْ بِذِمَّةٍ مِنَ الله وهو عقد الذمة لهم، وضربت الْجِزْيَةِ عَلَيْهِمْ وَإِلْزَامُهُمْ أَحْكَامَ الْمِلَّةِ، ﴿وَحَبْلٍ مِّنَ الناس﴾ أي أمان منهم لهم كَمَا فِي الْمُهَادَنِ وَالْمُعَاهَدِ وَالْأَسِيرِ إِذَا أَمَّنَهُ واحد من المسلمين ولو امرأة، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ﴾ أَيْ بِعَهْدٍ مِنَ اللَّهِ وعهد من الناس، وَقَوْلُهُ: ﴿وَبَآءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ﴾ أَيْ أُلْزِمُوا، فَالْتَزَمُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَهُمْ يَسْتَحِقُّونَهُ، ﴿وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ المسكنة﴾ أَيْ أُلْزِمُوهَا قَدَرًا وَشَرْعًا، وَلِهَذَا قَالَ: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ﴾ أي إنما حَمَلَهُمْ عَلَى ذَلِكَ الْكِبْرُ وَالْبَغْيُ وَالْحَسَدُ، فَأَعْقَبَهُمْ ذلك الذلة والصغار والمسكنة أبدًا متصلا بذل الْآخِرَةِ. ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: ﴿ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ﴾ أَيْ إِنَّمَا حَمَلَهُمْ عَلَى الْكُفْرِ بآيات الله وقتل رسول اللَّهِ - وقُيِّضوا لِذَلِكَ - أَنَّهُمْ كَانُوا يُكْثِرُونَ الْعِصْيَانَ لأوامر الله وَالْغَشَيَانَ لِمَعَاصِي اللَّهِ وَالِاعْتِدَاءَ فِي شَرْعِ اللَّهِ، فعياذًا بالله من ذلك، والله ﷿ المستعان.
- ١١٣ - لَيْسُواْ سَوَآءً مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَآءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ
- ١١٤ - يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ
- ١١٥ - وَمَا يَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَروهُ والله عَلِيمٌ بالمتقين
- ١١٦ - إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَّن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا
1 / 311