192

Resumen del Tafsir Ibn Kathir

مختصر تفسير ابن كثير

Editorial

دار القرآن الكريم

Número de edición

السابعة

Año de publicación

1402 AH

Ubicación del editor

بيروت

Géneros

Exégesis
جلاله مُرْجِيًا لِعِبَادِهِ لِئَلَّا يَيْأَسُوا مَنْ رَحْمَتِهِ وَيَقْنَطُوا من لطفه: ﴿والله رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ﴾ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: مِنْ رَأْفَتِهِ بِهِمْ حَذَّرَهُمْ نَفْسَهُ وَقَالَ غَيْرُهُ: أَيْ رَحِيمٌ بِخَلْقِهِ يُحِبُّ لَهُمْ أَنْ يَسْتَقِيمُوا عَلَى صِرَاطِهِ الْمُسْتَقِيمِ وَدِينِهِ الْقَوِيمِ، وَأَنْ يَتَّبِعُوا رَسُولَهُ الْكَرِيمَ.
- ٣١ - قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
- ٣٢ - قُلْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ
هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ حَاكِمَةٌ عَلَى كُلِّ مَنِ ادَّعَى مَحَبَّةَ اللَّهِ، وَلَيْسَ هُوَ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ، فَإِنَّهُ كَاذِبٌ فِي دَعْوَاهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، حَتَّى يَتَّبِعَ الشَّرْعَ الْمُحَمَّدِيَّ وَالدِّينَ النَّبَوِيَّ فِي جَمِيعِ أَقْوَالِهِ وأفعاله، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»، ولهذا قال: ﴿إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾ أَيْ يَحْصُلُ لَكُمْ فَوْقَ مَا طَلَبْتُمْ مِنْ مَحَبَّتِكُمْ إِيَّاهُ، وَهُوَ مَحَبَّتُهُ إِيَّاكُمْ وَهُوَ أَعْظَمُ من الأول، كما قال بعض العلماء الحكماء: لَيْسَ الشَّأْنُ أَنْ تُحِب إِنَّمَا الشَّأْنُ أَنْ تُحَب، وقال الحسن البصري: زَعَمَ قَوْمٌ أَنَّهُمْ يُحِبُّونَ اللَّهَ فَابْتَلَاهُمُ اللَّهُ بِهَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَ: ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ الله فاتبعوني يُحْبِبْكُمُ الله﴾ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قالت، قالت رَسُولُ اللَّهِ ﷺ "هَلْ الدين إلا الحب في الله والبغض في الله؟ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ الله فاتبعوني﴾ (رواه ابن أبي حاتم عن عائشة مرفوعًا وفي سنده ضعف.
ثم قال تعالى: ﴿وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ، وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ أَيْ باتباعكم الرسول ﷺ، يَحْصُلُ لَكُمْ هَذَا من بركة سفارته، ثم قال تعالى آمِرًا لِكُلِّ أَحَدٍ مِنْ خَاصٍّ وَعَامٍّ: ﴿قُلْ أَطِيعُواْ الله والرسول فإِن تَوَلَّوْاْ﴾ أي تخالفوا عَنْ أَمْرِهِ، ﴿فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ﴾ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مُخَالَفَتَهُ فِي الطَّرِيقَةِ كُفْرٌ، وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ مَنِ اتَّصَفَ بِذَلِكَ، وَإِنِ ادعى وزعم في نفسه أنه محب لِلَّهِ وَيَتَقَرَّبُ إِلَيْهِ، حَتَّى يُتَابِعَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ خَاتَمَ الرُّسُلِ، وَرَسُولَ اللَّهِ إِلَى جَمِيعِ الثَّقَلَيْنِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، الَّذِي لَوْ كَانَ الْأَنْبِيَاءُ بل المرسولن بل أولو العزم منهم في زمانه ما وَسِعَهُمْ إِلَّا اتِّبَاعُهُ، وَالدُّخُولُ فِي طَاعَتِهِ وَاتِّبَاعُ شريعته، كما سيأتي تقريره عند قوله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ الله ميثاق النبيين﴾ الآية، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
- ٣٣ - إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ
- ٣٤ - ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّهُ اخْتَارَ هَذِهِ الْبُيُوتَ عَلَى سَائِرِ أَهْلِ الْأَرْضِ، فَاصْطَفَى ﴿آدَمَ﴾ ﵇ خَلَقَهُ بِيَدِهِ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُوحِهِ، وَأَسْجَدَ لَهُ مَلَائِكَتَهُ، وَعَلَّمَهُ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ، وَأَسْكَنَهُ الْجَنَّةَ، ثُمَّ أَهْبَطَهُ مِنْهَا لِمَا لَهُ فِي ذَلِكَ مِنَ ⦗٢٧٨⦘ الْحِكْمَةِ وَاصْطَفَى ﴿نُوحًا﴾ ﵇، وَجَعَلَهُ أَوَّلُ رَسُولٍ بَعَثَهُ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ، لَمَّا عَبَدَ النَّاسُ الأوثان وأشركوا بالله مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانَا، وَانْتَقَمَ لَهُ لَمَّا طَالَتْ مُدَّتُهُ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ قَوْمِهِ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ لَيْلًا وَنَهَارًا، سِرًّا وَجِهَارًا فَلَمْ يَزِدْهُمْ ذَلِكَ إِلَّا فِرَارًا فَدَعَا عَلَيْهِمْ فَأَغْرَقَهُمُ الله عن آخرهم، لم يَنْجُ مِنْهُمْ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَهُ عَلَى دِينِهِ الَّذِي بَعَثَهُ اللَّهُ بِهِ، وَاصْطَفَى ﴿آلَ إِبْرَاهِيمَ﴾ ومنهم سيد البشر خاتم الْأَنْبِيَاءِ عَلَى الْإِطْلَاقِ مُحَمَّدٌ ﷺ، و﴿آل عِمْرَانَ﴾ وَالْمُرَادُ بِعِمْرَانَ هَذَا هُوَ وَالِدُ مَرْيَمَ بنت عمران أم عيسى بن مريم ﵇، فَعِيسَى ﵇ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ إِنْ شاء الله تعالى:

1 / 277