178

Resumen del Tafsir Ibn Kathir

مختصر تفسير ابن كثير

Editorial

دار القرآن الكريم

Número de edición

السابعة

Año de publicación

1402 AH

Ubicación del editor

بيروت

Géneros

Exégesis
السلام، ﴿مِن قَبْلُ﴾ أَيْ مِنْ قَبْلِ هَذَا الْقُرْآنِ ﴿هُدًى لِّلنَّاسِ﴾: أَيْ فِي زَمَانِهِمَا، ﴿وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ﴾: وَهُوَ الْفَارِقُ بَيْنَ الْهُدَى وَالضَّلَالِ، وَالْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَالْغَيِّ وَالرَّشَادِ، بِمَا يَذْكُرُهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الحجج والبينات والدلائل والوضحات، وَالْبَرَاهِينِ الْقَاطِعَاتِ، وَيُبَيِّنُهُ وَيُوَضِّحُهُ وَيُفَسِّرُهُ وَيُقَرِّرُهُ وَيُرْشِدُ إِلَيْهِ وَيُنَبِّهُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ. وَقَالَ قَتَادَةُ والربيع: الفرقان ههنا القرآن، واختار ابن جرير أنه مصدر ههنا لِتَقَدُّمِ ذِكْرِ الْقُرْآنِ فِي قَوْلِهِ: ﴿نَزَّلَ عَلَيْكَ الكتاب بالحق﴾ وهو القرآن. وأما ما روي عن أبي صالح: أن المراد بالفرقان ههنا التوراة، فضعيف أيضًا، لتقدم ذكر التوراة، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللَّهِ﴾ أَيْ جَحَدُوا بِهَا وَأَنْكَرُوهَا وَرَدُّوهَا بِالْبَاطِلِ، ﴿لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ﴾ أَيْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ﴿وَاللَّهُ عَزِيزٌ﴾ أَيْ مَنِيعُ الْجَنَابِ عَظِيمُ السُّلْطَانِ، ﴿ذُو انْتِقَامٍ﴾: أَيْ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ وَخَالَفَ رُسُلَهُ الْكِرَامَ وَأَنْبِيَاءَهُ الْعِظَامَ.
- ٥ - إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ
- ٦ - هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّهُ يَعْلَمُ غيب السماء والأرض لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، ﴿هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَآءُ﴾ أَيْ يخلقكم في الأرحام كما يشاء مِّن ذَكَرٍ وأنثى، وحسن وَقَبِيحٍ، وَشَقِيٍّ وَسَعِيدٍ، ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ أَيْ هُوَ الَّذِي خَلَقَ وَهُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِلْإِلَهِيَّةِ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَلَهُ الْعِزَّةُ الَّتِي لَا تُرَامُ، وَالْحِكْمَةُ وَالْأَحْكَامُ، وَهَذِهِ الْآيَةُ فِيهَا تَعْرِيضٌ بَلْ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ عِيسَى بن مَرْيَمَ عَبْدٌ مَخْلُوقٌ كَمَا خَلَقَ اللَّهُ سَائِرَ البشر، لأن الله صَوَّرَهُ فِي الرَّحِمِ وَخَلَقَهُ كَمَا يَشَاءُ، فَكَيْفَ يَكُونُ إِلَهًا كَمَا زَعَمَتْهُ النَّصَارَى عَلَيْهِمْ لَعَائِنُ اللَّهِ!! وَقَدْ تَقَلَّبَ فِي الْأَحْشَاءِ وَتَنَقَّلَ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ!؟ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِّن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاَثٍ﴾.
- ٧ - هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أولوا الْأَلْبَابِ
- ٨ - رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ
- ٩ - رَبَّنَآ إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ
يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّ فِي الْقُرْآنِ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ ﴿هنَّ أُمِّ الْكِتَابِ﴾ أَيْ بَيِّنَاتٌ وَاضِحَاتُ الدلالة لا التباس فيها على أحد، وَمِنْهُ آيَاتٌ أُخَرُ فِيهَا اشْتِبَاهٌ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ أَوْ بَعْضِهِمْ، فَمَنْ رد ما اشتبه إِلَى الْوَاضِحِ مِنْهُ وحكَّم مُحْكَمَهُ عَلَى مُتَشَابِهِهِ عِنْدَهُ فَقَدِ اهْتَدَى، وَمَنْ عَكَسَ انْعَكَسَ، وَلِهَذَا قال تعالى: ﴿هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ أَيْ أَصْلُهُ

1 / 263