Mukhtasar Tafsir Al-Baghawi, also known as Ma'alim at-Tanzil
مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل
Editorial
دار السلام للنشر والتوزيع
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤١٦هـ
Ubicación del editor
الرياض
Géneros
وَإِنَّمَا أَتَاهُ فِي سَاعَةٍ مِنْهُ وَقَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَغَيْرُهُ: أَرَادَ بِالْأَشْهُرِ شَوَّالًا وَذَا الْقِعْدَةِ وذا الحجة كمالًا لِأَنَّهُ يَبْقَى عَلَى الْحَاجِّ أُمُورٌ بَعْدَ عَرَفَةَ يَجِبُ عَلَيْهِ فِعْلُهَا مِثْلُ الرَّمْيِ وَالذَّبْحِ وَالْحَلْقِ وَطَوَافِ الزِّيَارَةِ وَالْبَيْتُوتَةِ بِمِنًى، فَكَانَتْ فِي حكم الحج، ﴿فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ﴾ [البقرة: ١٩٧] أَيْ: فَمَنْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ الحج بالإحرام والتلبية ﴿فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ﴾ [الْبَقَرَةِ: ١٩٧] اختلفوا فِي الرَّفَثِ، قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ: هُوَ الْجِمَاعُ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَمُجَاهِدٍ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَقَتَادَةَ وَعِكْرِمَةَ وَالرَّبِيعِ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الرَّفَثُ غِشْيَانُ النِّسَاءِ وَالتَّقْبِيلُ وَالْغَمْزُ وَأَنْ يُعَرِّضَ لَهَا بِالْفُحْشِ من الكلام قال طاوس: الرَّفَثُ التَّعْرِيضُ لِلنِّسَاءِ بِالْجِمَاعِ وَذِكْرُهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ، وَقَالَ عَطَاءٌ: الرَّفَثُ قَوْلُ الرَّجُلِ لِلْمَرْأَةِ فِي حَالِ الْإِحْرَامِ إِذَا حَلَلْتُ أَصَبْتُكِ، وَقِيلَ: الرَّفَثُ الْفُحْشُ وَالْقَوْلُ الْقَبِيحُ، أَمَّا الفسوق فقد قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ الْمَعَاصِي كلها، وهو قول طاوس وَالْحَسَنِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَقَتَادَةَ وَالزُّهْرِيِّ وَالرَّبِيعِ وَالْقُرَظِيِّ، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: هُوَ مَا نُهِيَ عَنْهُ الْمُحْرِمُ فِي حَالِ الْإِحْرَامِ مِنْ قتل الصيد وتقليم الأظفار وَأَخْذِ الْأَشْعَارِ وَمَا أَشْبَهَهُمَا، وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ وَعَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ: هُوَ السِّبَابُ وَقَالَ الضَّحَّاكُ هُوَ التَّنَابُزُ بِالْأَلْقَابِ ﴿وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ﴾ [الْبَقَرَةِ: ١٩٧] قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ: الْجِدَالُ أَنْ يُمَارِيَ صَاحِبَهُ وَيُخَاصِمَهُ حَتَّى يُغْضِبَهُ، وَهُوَ قَوْلُ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعِكْرِمَةَ وَالزُّهْرِيِّ وَعَطَاءٍ وَقَتَادَةَ، وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ هُوَ أَنْ يَقُولَ بَعْضُهُمُ: الْحَجُّ اليومَ وَيَقُولَ بَعْضُهُمُ: الْحَجُّ غَدًا، وَقَالَ الْقُرَظِيُّ: كَانَتْ قُرَيْشٌ إِذَا اجْتَمَعَتْ بِمِنًى قَالَ هَؤُلَاءِ: حَجُّنَا أَتَمُّ مِنْ حَجِّكُمْ، وَقَالَ هَؤُلَاءِ: حَجُّنَا أَتَمُّ مِنْ حَجِّكُمْ، وَقَالَ مُقَاتِلٌ: هُوَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ لَهُمْ فِي حَجّة الْوَدَاعِ وَقَدْ أَحْرَمُوا بِالْحَجِّ: «اجْعَلُوا إِهْلَالَكُمْ بِالْحَجِّ عُمْرَةً إِلَّا مَنْ قَلَّدَ الْهَدْيَ»، قَالُوا: كَيْفَ نَجْعَلُهُ عُمرة وَقَدْ سَمَّيْنَا الْحَجَّ؟ فَهَذَا جِدَالُهُمْ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: كَانُوا يَقِفُونَ مَوَاقِفَ مُخْتَلِفَةً كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أن موقفه موقف إبراهيم، فكانوا يجادلون فِيهِ، وَقِيلَ: هُوَ مَا كَانَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ بَعْضُهُمْ يَقِفُ بِعَرَفَةَ وَبَعْضُهُمْ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَحُجُّ فِي ذِي الْقِعْدَةِ وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَحُجُّ فِي ذِي الْحِجَّةِ، فَكُلٌّ يَقُولُ: مَا فَعَلْتُهُ فَهُوَ الصَّوَابُ، فَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ: (وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) أَيِ اسْتَقَرَّ أَمْرُ الْحَجِّ عَلَى مَا فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَلَا اخْتِلَافَ فِيهِ من بعد ذلك ﴿وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ﴾ [البقرة: ١٩٧] أَيْ: لَا يَخْفَى عَلَيْهِ فَيُجَازِيكُمْ بِهِ، قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾ [البقرة: ١٩٧] نَزَلَتْ فِي نَاسٍ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ كَانُوا يَخْرُجُونَ إِلَى الْحَجِّ بِغَيْرِ زَادٍ وَيَقُولُونَ: نَحْنُ مُتَوَكِّلُونَ، وَيَقُولُونَ: نَحْنُ نَحُجُّ بَيْتَ اللَّهِ فَلَا يُطْعِمُنَا، فَإِذَا قَدِمُوا مَكَّةَ سَأَلُوا النَّاسَ، وَرُبَّمَا يُفضي بِهِمُ الْحَالُ إِلَى النَّهْبِ وَالْغَصْبِ، فَقَالَ الله جل ذكره: (وَتَزَوَّدُوا) أَيْ: مَا تَتَبَلَّغُونَ بِهِ وَتَكْفُونَ بِهِ وُجُوهَكُمْ، قَالَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ. الْكَعْكُ وَالزَّبِيبُ وَالسَّوِيقُ وَالتَّمْرُ وَنَحْوُهَا، ﴿فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾ [البقرة: ١٩٧] مِنَ السُّؤَالِ وَالنَّهْبِ، ﴿وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ﴾ [البقرة: ١٩٧] يَا ذَوِي الْعُقُولِ.
[١٩٨] قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [البقرة: ١٩٨] يعني: التجارة فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ ﴿فَإِذَا أَفَضْتُمْ﴾ [البقرة: ١٩٨] دَفَعْتُمْ، وَالْإِفَاضَةُ: دَفْعٌ بِكَثْرَةٍ، وَأَصْلُهُ مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ: أَفَاضَ الرَّجُلُ ماءَه، أي: صبّه، ﴿مِنْ عَرَفَاتٍ﴾ [البقرة: ١٩٨] هي جمع عرفة، جُمعت عرفة بِمَا حَوْلَهَا وَإِنْ كَانَتْ بُقْعَةً واحدة، كقولهم: ثوب أخلاق ﴿فَاذْكُرُوا اللَّهَ﴾ [البقرة: ١٩٨] بِالدُّعَاءِ وَالتَّلْبِيَةِ، ﴿عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ﴾ [البقرة: ١٩٨] وهو مَا بَيْنَ جَبَلَيِ الْمُزْدَلِفَةِ مِنْ مَرْمَى عَرَفَةَ إِلَى المُحسر، وَلَيْسَ الْمَأْزِمَانِ ولا المحسّر من المشعر الحرام، وسُمي مَشْعَرًا مِنَ الشِّعَارِ، وَهِيَ
1 / 75