53

Mukhtasar Tafsir Al-Baghawi, also known as Ma'alim at-Tanzil

مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل

Editorial

دار السلام للنشر والتوزيع

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤١٦هـ

Ubicación del editor

الرياض

Géneros

حبه من المشركين؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَخْتَارُونَ عَلَى اللَّهِ مَا سِوَاهُ، وَالْمُشْرِكُونَ إِذَا اتَّخَذُوا صَنَمًا ثُمَّ رَأَوْا أَحْسَنَ مِنْهُ، طَرَحُوا الْأَوَّلَ وَاخْتَارُوا الثَّانِيَ، قَالَ قَتَادَةُ: إِنَّ الْكَافِرَ يُعْرِضُ عَنْ مَعْبُودِهِ فِي وَقْتِ الْبَلَاءِ وَيُقْبِلُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ ﷿ عَنْهُمْ فَقَالَ: ﴿فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [الْعَنْكَبُوتِ: ٦٥] وَالْمُؤْمِنُ لَا يُعْرِضُ عَنِ اللَّهِ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالشِّدَّةِ وَالرَّخَاءِ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ [البقرة: ١٦٥] معناه: لو يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ عِنْدَ رؤية العذاب، أي ولو رَأَوْا شِدَّةَ عَذَابِ اللَّهِ وَعُقُوبَتِهِ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ، لَعَرَفُوا مَضَرَّةَ الْكُفْرِ، وَأَنَّ مَا اتَّخَذُوا مِنَ الْأَصْنَامِ لَا يَنْفَعُهُمْ، قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِذْ يَرَوْنَ﴾ [البقرة: ١٦٥] قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ بِضَمِّ الْيَاءِ وَالْبَاقُونَ بِفَتْحِهَا، ﴿الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ﴾ [البقرة: ١٦٥] أَيْ: بِأَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا مَعْنَاهُ: لَرَأَوْا وَأَيْقَنُوا أَنَّ الْقُوَّةَ لله جميعا. [قوله تعالى إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا] وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ. . . . [١٦٦] ﴿إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ﴾ [البقرة: ١٦٦] هَذَا فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ حِينَ يَجْمَعُ اللَّهُ الْقَادَةَ وَالْأَتْبَاعَ، فَيَتَبَرَّأُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ، وَقَالَ السُّدِّيُّ: هُمُ الشَّيَاطِينُ يَتَبَرَّءُونَ مِنَ الْإِنْسِ، ﴿وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ﴾ [البقرة: ١٦٦] أي: عنهم ﴿الْأَسْبَابُ﴾ [البقرة: ١٦٦] أَيِ الصِّلات الَّتِي كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا، مِنَ الْقَرَابَاتِ وَالصَّدَاقَاتِ، وصارت مخالطتهم عَدَاوَةً، وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: الْأَرْحَامُ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ﴾ [الْمُؤْمِنُونَ: ١٠١] وَقَالَ السُّدِّيُّ: يَعْنِي الْأَعْمَالَ الَّتِي كَانُوا يَعْمَلُونَهَا فِي الدُّنْيَا، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا﴾ [الْفُرْقَانِ: ٢٣] وَأَصْلُ السَّبَبِ مَا يُوصَلُ بِهِ إِلَى الشَّيْءِ مِنْ ذَرِيعَةٍ أَوْ قَرَابَةٍ أَوْ مَوَدَّةٍ وَمِنْهُ، يُقَالُ لِلْحَبْلِ: سَبَبٌ، وَلِلطَّرِيقِ: سبب. [١٦٧] ﴿وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا﴾ [البقرة: ١٦٧] يَعْنِي: الْأَتْبَاعَ: ﴿لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً﴾ [البقرة: ١٦٧] أَيْ: رَجْعَةً إِلَى الدُّنْيَا، ﴿فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ﴾ [البقرة: ١٦٧] أَيْ: مِنَ الْمَتْبُوعِينَ، ﴿كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا﴾ [البقرة: ١٦٧] اليوم، ﴿كَذَلِكَ﴾ [البقرة: ١٦٧] أَيْ: كَمَا أَرَاهُمُ الْعَذَابَ، كَذَلِكَ ﴿يُرِيهِمُ اللَّهُ﴾ [البقرة: ١٦٧] وَقِيلَ: كتبرؤِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ، يُرِيهِمُ اللَّهُ: ﴿أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ﴾ [البقرة: ١٦٧] ندامات، جمع حسرة، قيل: يريهم مَا ارْتَكَبُوا مِنَ السَّيِّئَاتِ فَيَتَحَسَّرُونَ لِمَ عَمِلُوا، وَقِيلَ: يُرِيهِمْ مَا تَرَكُوا مِنَ الْحَسَنَاتِ، فَيَنْدَمُونَ عَلَى تَضْيِيعِهَا، وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: إِنَّهُمْ أَشْرَكُوا بِاللَّهِ الْأَوْثَانَ رَجَاءَ أَنْ تُقَرِّبَهُمْ إِلَى اللَّهِ ﷿، فَلَمَّا عُذِّبُوا عَلَى مَا كَانُوا يَرْجُونَ ثَوَابَهُ تَحَسَّرُوا وَنَدِمُوا، قَالَ السُّدِّيُّ: تُرْفَعُ لَهُمُ الْجَنَّةُ فَيَنْظُرُونَ إِلَيْهَا وَإِلَى بُيُوتِهِمْ فِيهَا لَوْ أطاعوا لله فَيُقَالُ لَهُمْ: تِلْكَ مَسَاكِنُكُمْ لَوْ أَطَعْتُمُ اللَّهَ، ثُمَّ تُقَسَّمُ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ فَذَلِكَ حِينَ يَنْدَمُونَ وَيَتَحَسَّرُونَ ﴿وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ﴾ [البقرة: ١٦٧] [١٦٨] قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا﴾ [البقرة: ١٦٨] نَزَلَتْ فِي ثَقِيفٍ وَخُزَاعَةَ وَعَامِرِ

1 / 60