72

Resumen de los Relámpagos Enviados contra los Jahmites y Negadores

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

Investigador

سيد إبراهيم

Editorial

دار الحديث

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Ubicación del editor

القاهرة - مصر

Géneros

فَدَعَا سُبْحَانَهُ إِلَى تَدَبُّرِ الْقَوْلِ وَتَأْمُّلِ حَالِ الْقَائِلِ، فَإِنَّ الْقَوْلَ كَذِبًا وَزُورًا يُعْرَفُ مِنْ نَفْسِ الْقَوْلِ تَارَةً، وَتَارَةً مِنْ تَنَاقُضِهِ وَاضْطِرَابِهِ ظُهُورُ شَوَاهِدِ الْكَذِبِ عَلَيْهِ، وَيُعْرَفُ مَنْ حَالِ الْقَائِلِ تَارَةً، فَإِنَّ الْمَعْرُوفَ بِالْكَذِبِ وَالْفُجُورِ وَالْمُنْكَرِ وَالْخِدَاعِ وَالْمَكْرِ، لَا تَكُونُ أَقْوَالُهُ إِلَّا مُنَاسِبَةً لِأَفْعَالِهِ، وَلَا يَأْتِي مِنْهُ مِنَ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ مَا يَتَأَتَّى مِنَ الْبَارِّ الصَّادِقِ مِنْ كُلِّ فَاحِشَةٍ وَغَدْرٍ وَفُجْرٍ وَكَذِبٍ، بَلْ قَلْبُ هَذَا وَقَصْدُهُ وَعَمَلُهُ وَقَوْلُهُ يُشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضًا، وَقَلْبُ ذَلِكَ وَعَمَلُهُ وَقَصْدُهُ يُشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضًا، فَدَعَاهُمْ سُبْحَانَهُ إِلَى تَدَبُّرِ الْقَوْلِ وَتَأَمُّلِ سِيرَةِ الْقَائِلِ وَأَحْوَالِهِ، وَحِينَئِذٍ يَتَحَقَّقُ لَهُمْ وَيَتَبَيَّنُ حَقِيقَةُ الْأَمْرِ وَأَنَّ مَا جَاءَ بِهِ أَعْلَى مَرَاتِبِ الصِّدْقِ. قَالَ تَعَالَى: ﴿قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ [يونس: ١٦] فَتَأَمَّلْ هَاتَيْنِ الْحُجَّتَيْنِ الْقَاطِعَتَيْنِ بِهَذَا اللَّفْظِ الْوَجِيزِ: إِحْدَاهُمَا: أَنَّ هَذَا مِنَ اللَّهِ لَا مِنْ قِبَلِي، وَلَا هُوَ مَقْدُورٌ لِي، وَلَا مِنْ جِنْسِ مَقْدُورِ الْبَشَرِ وَأَنَّ اللَّهَ لَوْ شَاءَ لَأَمْسَكَ عَنْهُ قَلْبِي وَلِسَانِي وَأَسْمَاعَكُمْ وَأَفْهَامَكُمْ فَلَمْ أَتَمَكَّنْ مِنْ تِلَاوَتِهِ عَلَيْكُمْ، وَلَمْ تَتَمَكَّنُوا مِنْ دِرَايَتِهِ وَفَهْمِهِ. الْحُجَّةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّى قَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرِي إِلَى حِينِ أَتَيْتُكُمْ بِهِ وَأَنْتُمْ تُشَاهِدُونِي وَتَعْرِفُونِي وَتَصْحَبُونِي حَضَرًا وَسَفَرًا، وَتَعْرِفُونَ دَقِيقَ أَمْرِي وَجَلِيلَهُ وَتُحَقِّقُونَ سِيرَتِي، هَلْ كَانَتْ سِيرَةَ مَنْ جَاهَرَ رَبَّهُ بِالْكَذِبِ وَالْفِرْيَةِ عَلَيْهِ، وَطَلَبَ إِفْسَادَ الْعَالَمِ وَظُلْمَ النُّفُوسِ وَالْبَغْيَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ. هَذَا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَحْفَظُ كِتَابًا وَلَا أَخُطُّهُ بِيَمِينِي، وَلَا صَاحَبْتُ مَنْ أَتَعَلَّمُ مِنْهُ، بَلْ صَاحَبْتُمْ أَنْتُمْ فِي أَسْفَارِكُمْ مَنْ تَتَعَلَّمُونَ مِنْهُ وَتَسْأَلُونَهُ عَنْ أَخْبَارِ الْأُمَمِ وَالْمُلُوكِ وَغَيْرِهَا مَا لَمْ أُشَارِكْكُمْ فِيهِ بِوَجْهٍ، ثُمَّ جِئْتُكُمْ بِهَذَا النَّبَأِ الْعَظِيمِ، الَّذِي فِيهِ عِلْمُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، وَعِلْمُ مَا كَانَ وَمَا سَيَكُونُ عَلَى التَّفْصِيلِ، فَأَيُّ بُرْهَانٍ أَوْضَحُ مِنْ هَذَا، وَأَيُّ عِبَارَةٍ أَفْصَحُ وَأَوْجَزُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ الْمُتَضَمِّنَةِ لَهُ. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ﴾ [سبأ: ٤٦] وَلَمَّا كَانَ لِلْإِنْسَانِ الَّذِي يَطْلُبُ مَعْرِفَةَ الْحَقِّ حَالَتَانِ: إِحْدَاهُمَا: أَنْ يَكُونَ مُنَاظِرًا مَعَ نَفْسِهِ، وَالثَّانِيَةُ: أَنْ

1 / 86