61

Resumen de los Relámpagos Enviados contra los Jahmites y Negadores

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

Investigador

سيد إبراهيم

Editorial

دار الحديث

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Ubicación del editor

القاهرة - مصر

Géneros

أُنْزِلَتْ لِلتِّلَاوَةِ وَالتَّعَبُّدِ بِهَا دُونَ تَعَقُّلِ مَعَانِيهَا وَتَدَبُّرِهَا وَالتَّفَكُّرِ فِيهَا، وَأُولَئِكَ جَعَلُوهَا عُرْضَةً لِلتَّأَوُّلِ وَالتَّحْرِيفِ كَمَا جَعَلَهَا أَصْحَابُ التَّخْيِيلِ أَمْثَالًا لَا حَقِيقَةَ لَهَا. وَقَابَلَهُمُ الصِّنْفُ الرَّابِعُ وَهُمْ صِنْفُ التَّشْبِيهِ وَالتَّمْثِيلِ، فَفَهِمُوا مِنْهَا مِثْلَ مَا لِلْمَخْلُوقِينَ وَظَنُّوا أَنْ لَا حَقِيقَةَ لَهَا إِلَّا ذَلِكَ، وَقَالُوا: مُحَالٌ أَنْ يُخَاطِبَنَا اللَّهُ بِمَا لَا نَعْقِلُهُ، ثُمَّ يَقُولُ: ﴿لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [البقرة: ٧٣] ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ﴾ [البقرة: ٢١٩] ﴿لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ﴾ [ص: ٢٩] فَهَذِهِ الْفِرَقُ لَا يَزَالُ يُبَدِّعُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَيُضَلِّلُهُ وَيُجَهِّلُهُ، وَقَدْ تَصَادَمَتْ كَمَا تَرَى، فَهُمْ كَزُمْرَةٍ مِنَ الْعُمْيَانِ تَلَاقَوْا فَتَصَادَمُوا، كَمَا قَالَ أَعْمَى الْبَصِيرَةِ مِنْهُمْ: وَنَظِيرِي فِي الْعِلْمِ مِثْلِيَ أَعْمَى ... فَكِلَانَا فِي حِنْدِسٍ نَتَصَادَمْ وَهَدَى اللَّهُ أَصْحَابَ سَوَاءِ السَّبِيلِ لِلطَّرِيقَةِ الْمُثْلَى، فَأَثْبَتُوا حَقَائِقَ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، وَنَفَوْا عَنْهَا مُمَاثَلَةَ الْمَخْلُوقَاتِ، فَكَانَ مَذْهَبُهُمْ مَذْهَبًا بَيْنَ مَذْهَبَيْنِ، وَهُدًى بَيْنَ ضَلَالَتَيْنِ، يُثْبِتُونَ لَهُ الْأَسْمَاءَ الْحُسْنَى وَالصِّفَاتِ الْعُلْيَا بِحَقَائِقِهَا، وَلَا يُكَيِّفُونَ شَيْئًا مِنْهَا، فَكَانَ اللَّهُ تَعَالَى أَثْبَتَهَا لِنَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا سَبِيلَ لَنَا إِلَى مَعْرِفَةِ كُنْهِهَا وَكَيْفِيَّتِهَا، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُكَلِّفْ كُلَّ عِبَادِهِ بِذَلِكَ وَلَا أَرَادَهُ مِنْهُمْ وَلَا جَعَلَ لَهُمْ إِلَيْهِ سَبِيلًا، بَلْ كَثِيرٌ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ أَوْ أَكْثَرُهَا لَمْ يَجْعَلْ لَهُمْ سَبِيلًا إِلَى مَعْرِفَةِ كُنْهِهِ وَكَيْفِيَّتِهِ، وَهَذِهِ أَرْوَاحُهُمُ الَّتِي هِيَ أَدْنَى إِلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ دَانٍ، قَدْ حُجِبَتْ عَنْهُمْ مَعْرِفَةُ كُنْهِهَا وَكَيْفِيَّتِهَا. وَقَدْ أَخْبَرَنَا سُبْحَانَهُ عَنْ تَفَاصِيلِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَا فِي الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَقَامَتْ حَقَائِقُ ذَلِكَ فِي قُلُوبِ أَهْلِ الْإِيمَانِ وَشَاهَدَتْهُ عُقُولُهُمْ، وَلَمْ يَعْرِفُوا كُنْهَهُ، فَلَا يَشُكُّ الْمُسْلِمُونَ أَنَّ فِي الْجَنَّةِ أَنْهَارًا مِنْ خَمْرٍ، وَأَنْهَارًا مِنْ عَسَلٍ، وَأَنْهَارًا مِنْ لَبَنٍ، وَلَكِنْ لَا يَعْرِفُونَ كُنْهَ ذَلِكَ وَمَادَّتَهُ وَكَيْفِيَّتَهُ، إِذْ كَانُوا لَا يَعْرِفُونَ فِي الدُّنْيَا الْخَمْرَ إِلَّا مَا اعْتُصِرَ مِنَ الْأَعْنَابِ، وَالْعَسَلَ إِلَّا مَا قَذَفَتْ بِهِ النَّحْلُ فِي بُيُوتِهَا، وَاللَّبَنَ إِلَّا مَا خَرَجَ مِنَ الضُّرُوعِ، وَالْحَرِيرَ إِلَّا مَا خَرَجَ مِنْ دُودِ الْقَزِّ، وَقَدْ فَهِمُوا مَعَانِي ذَلِكَ فِي الْجَنَّةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ مُمَاثِلًا لِمَا فِي الدُّنْيَا، كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " لَيْسَ فِي الدُّنْيَا مِمَّا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا الْأَسْمَاءُ وَالصِّفَاتُ "، وَلَمْ يَمْنَعْهُمْ عَدَمُ النَّظِيرِ فِي الدُّنْيَا مِنْ فَهْمِ مَا أُخْبِرُوا بِهِ مِنْ ذَلِكَ. فَهَكَذَا الْأَسْمَاءُ وَالصِّفَاتُ لَمْ يَمْنَعْهُمُ انْتِفَاءُ نَظِيرِهَا وَمِثَالِهَا مِنْ فَهْمِ حَقَائِقِهَا

1 / 75