308

Resumen de los Relámpagos Enviados contra los Jahmites y Negadores

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

Editor

سيد إبراهيم

Editorial

دار الحديث

Edición

الأولى

Año de publicación

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Ubicación del editor

القاهرة - مصر

Géneros

دُونَ التَّحَكُّمِ وَالتَّنَاقُضِ، وَلِهَذَا لَمَّا فَهِمَ الْقَائِلُونَ بِأَنَّهُ يَصِيرُ مَجَازًا بَعْدَ التَّحْقِيقِ عَنْ ذَلِكَ أَلْزَمُوا الْجُمْهُورَ بِنَفْيِ الْمَجَازِ، فَقَالُوا: هَذَا يُودِي إِلَى أَنْ يَكُونَ فِي اللُّغَةِ مَجَازٌ، قَالُوا: لِأَنَّ قَوْلَنَا (بَحْرٌ) مَوْضُوعٌ لِلْمَاءِ الْكَثِيرِ بِمُجَرَّدِهِ، وَالْعَالِمِ وَالْجَوَادِ بِقَرِينَةٍ، وَالْأَسَدُ مَوْضُوعٌ لِلْحَيَوَانِ الْمُفْتَرِسِ بِمُجَرَّدِهِ، وَلِلرَّجُلِ الشُّجَاعِ بِقَرِينَةٍ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ ارْتَفَعَ الْمَجَازُ فِي اللُّغَةِ، وَهَذَا سُؤَالٌ صَحِيحٌ، وَلِهَذَا لَمْ يُجِبْهُمْ عَنْهُ مُنَازِعُونَ إِلَّا بِأَنَّهُ مُشْتَرَكُ الْإِلْزَامِ، فَقَالُوا فِي جَوَابِهِمْ: إِنْ هَذَا لَزِمَنَا فِي التَّخْصِيصِ لَزِمَكُمْ فِي الِاسْتِثْنَاءِ، فَإِنَّكُمْ تَقُولُونَ فِي الِاسْتِثْنَاءِ مَا نَقُولُهُ نَحْنُ فِي التَّخْصِيصِ.
هَذَا لَفْظُ جَوَابِهِمْ، فَقَدِ اعْتَرَفَ الْفَرِيقَانِ بِأَنَّ الْقَوْلَ بِكَوْنِ الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ حَقِيقَةً يَنْفِي الْمَجَازَ بِالْكُلِّيَّةِ، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْقَائِلِينَ جَوَابٌ سِوَى أَنَّ هَذَا يَلْزَمُنَا وَيَلْزَمُكُمْ جَمِيعًا، فَثَبَتَ بِاعْتِرَافِ الْفَرِيقَيْنِ لُزُومُ نَفْيِ الْمَجَازِ لِكَوْنِ الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ حَقِيقَةً، وَجُمْهُورُ أَهْلِ الْأَرْضِ عَلَى أَنَّهُ حَقِيقَةٌ، بَلْ لَا يُعْرَفُ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ مُتَقَدِّمٌ الْبَتَّةَ، فَإِذَا كَانَ الْحَقُّ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ وَلَزِمَهُ نَفْيُ الْمَجَازِ وَلَازِمُ الْحَقِّ حَقٌّ، فَنَفْيُ الْمَجَازِ هُوَ الْحَقُّ، فَهَذَا تَقْرِيرُ نَفْيِ الْمَجَازِ مِنْ نَفْسِ قَوْلِهِمْ تَقْرِيرًا لَا حِيلَةَ لَهُمْ فِي دَفْعِهِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ: أَنَّ الْقَائِلِينَ بِالْمَجَازِ قَالُوا وَاللَّفْظُ لِأَبِي الْحُسَيْنِ يُعْرَفُ الْمَجَازُ بِالِاسْتِدْلَالِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَسْبِقَ إِلَى أَذْهَانِ أَهْلِ اللُّغَةِ عِنْدَ سَمَاعِ اللَّفْظِ مِنْ غَيْرِ قَرِينَةٍ مَعْنًى مِنَ الْمَعَانِي دُونَ آخَرَ، فَعَلِمُوا بِذَلِكَ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِيمَا سَبَقَ إِلَى الْفَهْمِ، لِأَنَّهُ لَوْلَا أَنَّهُ قَدِ اضْطُرَّ السَّامِعُ مِنْ قَصْدِ الْوَاضِعِينَ إِلَى أَنَّهُمْ وَضَعُوا اللَّفْظَ لِذَلِكَ الْمَعْنَى مَا سَبَقَ إِلَى فَهْمِهِ ذَلِكَ الْمَعْنَى دُونَ غَيْرِهِ.
فَهَذَا الْكَلَامُ يَتَضَمَّنُ أَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ السَّابِقُ يَسْبِقُ إِلَى أَفْهَامِ أَهْلِ اللُّغَةِ دُونَ غَيْرِهِمْ، فَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ الَّتِي بِهَا نَزَلَ الْقُرْآنُ، لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ اللُّغَةِ كَالنَّبَطِ الَّذِينَ أَكْثَرُ عَادَاتِهِمُ اسْتِعْمَالُ كَثِيرٍ مِنَ الْأَلْفَاظِ فِي غَيْرِ مَا كَانَتِ الْعَرَبُ تَسْتَعْمِلُهُ فِيهَا، وَحِينَئِذٍ فَلَا عِبْرَةَ بِالسَّبْقِ إِلَى أَفْهَامِ النَّبَطِ الَّذِينَ لَيْسُوا مِنْ هَؤُلَاءِ الْعَرَبِ الْعَرْبَاءِ، فَأَكْثَرُ الْقَائِلِينَ بِالْمَجَازِ أَوْ كُلُّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أُولَئِكَ الْعَرَبِ، بَلْ مِنَ النَّبَطِ الَّذِينَ لَا يُحْتَجُّ بِفَهْمِهِمْ بِاتِّفَاقِ الْعُقَلَاءِ، وَأَمَّا الْعَرَبُ الَّذِينَ نَزَلَ الْقُرْآنُ بِلِسَانِهِمْ فَفَهْمُهُمْ هُوَ الْحُجَّةُ.
فَقَوْلُكُمْ أَمَارَةُ الْحَقِيقَةِ السَّبْقُ إِلَى الْفَهْمِ، أَفَهْمَ هَؤُلَاءِ تُرِيدُونَ أَمْ فَهْمَ النَّبَطِ؟ .
وَإِذَا كَانَتِ الْعِبْرَةُ بِفَهْمِ الْعَرَبِ فَاللَّهُ يَعْلَمُ وَمَلَائِكَتُهُ وَكُتُبُهُ وَرُسُلُهُ وَالْعُقَلَاءُ أَنَّ أَحَدًا

1 / 325