246

Resumen de los Relámpagos Enviados contra los Jahmites y Negadores

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

Editor

سيد إبراهيم

Editorial

دار الحديث

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Ubicación del editor

القاهرة - مصر

Géneros

أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الِانْتِقَامِ، وَالْفَضْلُ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الْعَدْلِ، وَالرَّحْمَةُ آثَرُ عِنْدَهُ مِنَ الْعُقُوبَةِ، لِهَذَا لَا يَخْلُدُ فِي النَّارِ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ، وَجَعَلَ جَانِبُ الْفَضْلِ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ، وَجَانِبُ الْعَدْلِ السَّيِّئَةَ فِيهِ بِمِثْلِهَا وَهِيَ مُعَرَّضَةٌ لِلزَّوَالِ بِأَيْسَرِ شَيْءٍ، وَكُلُّ هَذَا يَنْفِي أَنْ يَخْلُقَ خَلْقًا لِمُجَرَّدِ عَذَابِهِ السَّرْمَدِيِّ الَّذِي لَا انْتِهَاءَ لَهُ وَلَا انْقِضَاءَ، لَا لِحِكْمَةٍ مَطْلُوبَةٍ إِلَّا لِمُجَرَّدِ التَّعْذِيبِ وَالْأَلَمِ الزَّائِدِ عَلَى الْحَدِّ، فَمَا قَدَرَ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ مَنْ نَسَبَ إِلَيْهِ ذَلِكَ، بِخِلَافِ مَا إِذَا خَلَقَهُمْ لِيَرْحَمَهُمْ وَيُحْسِنَ إِلَيْهِمْ وَيُنْعِمَ عَلَيْهِمْ، فَاكْتَسَبُوا مَا أَغْضَبَهُ وَأَسْخَطَهُ فَأَصَابَهُمْ مِنْ عَذَابِهِ وَعُقُوبَتِهِ بِحَسَبِ ذَلِكَ الْعَارِضِ الَّذِي اكْتَسَبُوا ثُمَّ اضْمَحَلَّ سَبَبُ الْعُقُوبَةِ وَزَالَ وَعَادَ مُقْتَضَى الرَّحْمَةِ، فَهَذَا هُوَ الَّذِي يَلِيقُ بِرَحْمَةِ أَرْحَمِ الرَّاحِمِينَ وَحِكْمَةِ أَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ.
وَمِمَّا يُبَيِّنُ هَذَا أَنَّ الْجَنَّةَ لَا يَدْخُلُهَا مَنْ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ، وَيَدْخُلُهَا مَنْ يُنْشِئُهُ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا، وَيَدْخُلُهَا مَنْ دَخَلَ النَّارَ أَوَّلًا، وَيَدْخُلُهَا الْأَبْنَاءُ بِعَمَلِ الْآبَاءِ، وَأَمَّا النَّارُ فَذَلِكَ كُلُّهُ مُنْتَفٍ فِيهَا، وَلَا يَدْخُلُهَا مَنْ لَمْ يَعْمَلْ شَرًّا قَطُّ، وَلَا يُنْشِئِ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا خَلْقًا يُعَذِّبُهُمْ مِنْ غَيْرِ جُرْمٍ، وَلَا يَدْخُلُهَا مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَوَّلًا، وَلَا يَدْخُلُهَا الذُّرِّيَّةُ بِكُفْرِ الْآبَاءِ وَعَمَلِهِمْ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا خُلِقَتْ لِمَصْلَحَةِ مَنْ دَخَلَهَا الذَّيْبُ. . . فَضَلَاتِهِ وَأَوْسَاخَهُ وَأَدْرَانَهُ، وَتُطَهِّرَهُ مِنْ خَبَثِهِ وَنَجَاسَتِهِ، كَالْكِيرِ الَّذِي يُخْرِجُ خَبَثَ الْجَوَاهِرِ الْمُنْتَفَعِ بِهَا، وَلِمَصْلَحَةِ مَنْ يَدْخُلُهَا لِيَرْدَعَهُ ذِكْرُهَا، وَالْخَبَرُ عَنْهَا عَنْ ظُلْمِهِ وَغَيِّهِ، فَلَيْسَتِ الدَّارَانِ عِنْدَ اللَّهِ سَوَاءً فِي الْأَسْبَابِ وَالْغَايَاتِ وَالْحِكَمِ وَالْمَصَالِحِ.
يُوَضِّحُ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُعَذِّبُ أَحَدًا إِلَّا لِحِكْمَةٍ، وَلَا يَضَعُ عَذَابَهُ إِلَّا فِي الْمَحَلِّ الَّذِي يَلِيقُ بِهِ، كَمَا اقْتَضَى شَرْعُهُ الْعُقُوبَاتِ الدُّنْيَوِيَّةَ بِالْحُدُودِ الَّتِي أَمَرَ بِإِقَامَتِهَا لِمَا فِيهَا مِنَ الْمَصَالِحِ وَالْحِكَمِ فِي حَقِّ صَاحِبِهَا وَغَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ مَا يُقَدِّرُهُ مِنَ الْمَصَائِبِ وَالْآلَامِ فِيهَا مِنَ الْحِكَمِ مَا لَا يُحْصِيهِ إِلَّا اللَّهُ، مِنْ تَزْكِيَةِ النُّفُوسِ وَتَطْهِيرِهَا، وَالرَّدْعِ وَالزَّجْرِ، وَتَعْرِيفِ قَدْرِ الْعَاقِبَةِ، وَامْتِحَانِ الْخَلْقِ، لِيَظْهَرَ مَنْ يَعْبُدُهُ عَلَى السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ مِمَّنْ يَعْبُدُهُ عَلَى حَرْفٍ إِلَى أَضْعَافِ ذَلِكَ مِنَ الْحِكَمِ.
وَكَيْفَ يَخْلُو أَعْظَمُ الْعُقُوبَاتِ عَنْ حِكْمَةٍ وَمَصْلَحَةٍ وَرَحْمَةٍ، إِنَّ مَصْدَرَهَا عَنْ تَقْدِيرِ أَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ وَأَرْحَمِ الرَّاحِمِينَ، وَالْجَنَّةُ طَيِّبَةٌ لَا يَدْخُلُهَا إِلَّا طَيِّبٌ، وَلِهَذَا يَدْخُلُ النَّارَ مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ مَنْ فِيهِ خَبَثٌ وَشَرٌّ حَتَّى يَتَطَهَّرَ فِيهَا وَيَطِيبَ، وَمَنْ كَانَ فِيهِ دُونَ ذَلِكَ حُبِسَ عَلَى قَنْطَرَةٍ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ،

1 / 261