Resumen de los Relámpagos Enviados contra los Jahmites y Negadores
مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
Investigador
سيد إبراهيم
Editorial
دار الحديث
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
Ubicación del editor
القاهرة - مصر
Géneros
وَأَمْرِهِ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَخْلُقْ شَيْئًا مِنْ أَفْعَالِ الْعِبَادِ لَا خَيْرَهَا وَلَا شَرَّهَا، بَلْ هُمْ أَحْدَثُوا أَعْمَالَهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ وَلِذَلِكَ اسْتَحَقُّوا الْعُقُوبَةَ عَلَيْهَا، فَإِذَا عَاقَبَهُمْ لَمْ يَكُنْ ظَالِمًا لَهُمْ، وَعِنْدَهُمْ أَنَّهُ يَكُونُ مَا لَا يَشَاءُ وَيَشَاءُ مَا لَا يَكُونُ، فَإِنَّ الْمَشِيئَةَ عِنْدَهُمْ بِمَعْنَى الْأَمْرِ، وَهَاتَانِ الطَّائِفَتَانِ مُتَقَابِلَتَانِ غَايَةَ التَّقَابُلِ، كُلٌّ مِنْهُمَا تَذُمُّ الْأُخْرَى، وَقَدْ تُكَفِّرُهَا وَتُسَمِّيهَا قَدَرِيَّةً.
وَقَالَ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ: الظُّلْمُ وَضْعُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ حَكَمٌ عَدْلٌ، لَا يَضَعُ الشَّيْءَ إِلَّا فِي مَوْضِعِهِ الَّذِي يُنَاسِبُهُ وَيَقْتَضِيهِ الْعَدْلُ وَالْحِكْمَةُ وَالْمَصْلَحَةُ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ مُتَمَاثِلَيْنِ وَلَا يُسَاوِي بَيْنَ مُخْتَلِفَيْنِ، وَلَا يُعَاقِبُ إِلَّا مَنْ يَسْتَحِقُّ الْعُقُوبَةَ، وَيَضَعُهَا مَوْضِعَهَا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْحِكْمَةِ، وَلَا يُعَاقِبُ أَهْلَ الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَهَذَا قَوْلُ أَهْلِ اللُّغَةِ قَاطِبَةً، وَتَفْسِيرُ الظُّلْمِ بِذَيْنِكَ التَّفْسِيرَيْنِ اصْطِلَاحٌ حَادِثٌ وَوَضْعٌ جَدِيدٌ.
قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: الظُّلْمُ وَضْعُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، يُقَالُ: ظَلَمَ الرَّجُلُ سِقَاءَهُ إِذَا سَقَى مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ زُبَدُهُ، وَقَالَ الشَّاعِرُ:
وَصَاحِبُ صِدْقٍ لَمْ يَنَلْنِي شِكَايَةً ... ظَلَمْتُ وَفِي ظُلْمَتِي لَهُ عَامِدًا أَجْرُ
أَرَادَ بِالصَّاحِبِ: وَطْبَ اللَّبَنِ، وَظُلْمُهُ إِيَّاهُ أَنْ يَسْتَقِيَهُ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ زُبَدُهُ، قَالَ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ: هُوَ أَظْلَمُ مِنْ حَيَّةٍ، لِأَنَّهَا تَأْتِي الْحُفَرَ الَّذِي لَمْ تَحْفُرْهُ فَتَسْكُنُهُ، وَيُقَالُ: قَدْ ظَلَمَ الْمَاءُ الْوَادِي إِذَا وَصَلَ مِنْهُ إِلَى مَكَانٍ لَمْ يَكُنْ يَصِلُ إِلَيْهِ فِيمَا مَضَى، وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ مَسْعُودٍ وَالْفَرَّاءُ: أَصْلُ الظُّلْمِ وَضْعُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ مَنْ أَشْبَهَ أَبَاهُ فَمَا ظَلَمَ، وَقَوْلُهُ: مَنِ اسْتَرْعَى الذِّئْبَ فَقَدْ ظَلَمَ، يَعْنُونَ مَنْ أَشْبَهَ أَبَاهُ فَمَا وَضَعَ لِشَبَهٍ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الصَّوَابُ الْمَعْرُوفُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ وَالْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، وَإِنَّمَا تُحْمَلُ أَلْفَاظُهُمَا عَلَى لُغَةِ الْقَوْمِ لَا عَلَى الِاصْطِلَاحَاتِ الْحَادِثَةِ، فَإِنَّ هَذَا أَصْلُ كُلِّ فَسَادٍ وَتَحْرِيفٍ وَبِدْعَةٍ، وَهَذَا شَأْنُ أَهْلِ الْبِدَعِ دَائِمًا، يَصْطَلِحُونَ عَلَى مَعَانٍ يَضَعُونَ لَهَا أَلْفَاظًا مِنْ أَلْفَاظِ الْعَرَبِ ثُمَّ يَحْمِلُونَ أَلْفَاظَ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ عَلَى تِلْكَ الِاصْطِلَاحَاتِ الْحَادِثَةِ.
فَأَمَّا الْجَبْرِيَّةُ فَعِنْدَهُمْ لَا حَقِيقَةَ لِلظُّلْمِ الَّذِي نَزَّهَ الرَّبُّ نَفْسَهُ عَنْهُ الْبَتَّةَ، بَلْ هُوَ الْمُحَالُ لِذَاتِهِ الَّذِي لَا يُتَصَوَّرُ وُجُودُهُ، وَكُلُّ مُمْكِنٍ عِنْدَهُمْ فَلَيْسَ بِظُلْمٍ حَتَّى إِنَّهُ لَوْ عَذَّبَ رُسُلَهُ وَأَنْبِيَاءَهُ وَأَوْلِيَاءَهُ أَبَدَ الْآبِدِينَ، وَأَبْطَلَ جَمِيعَ حَسَنَاتِهِمْ وَحَمَّلَهُمْ أَوْزَارَ غَيْرِهِمْ
1 / 232