Resumen de los Relámpagos Enviados contra los Jahmites y Negadores
مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
Investigador
سيد إبراهيم
Editorial
دار الحديث
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
Ubicación del editor
القاهرة - مصر
Géneros
يَفْعَلْ لِحِكْمَةٍ؟ فَقَدْ أَوْرَدْتَ الْأَسْئِلَةَ عَلَى مَنْ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ، وَطَعَنْتَ فِي حِكْمَةِ مَنْ كُلُّ أَفْعَالِهِ حِكْمَةٌ وَمَصْلَحَةٌ وَعَدْلٌ وَخَيْرٌ بِمَعْقُولِكَ الْفَاسِدِ.
الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّ اللَّهَ فَطَرَ عِبَادَهُ، حَتَّى الْحَيَوَانَ، عَلَى اسْتِحْسَانِ وَضْعِ الشَّيْءِ فِي مَوْضِعِهِ وَالْإِتْيَانِ بِهِ فِي وَقْتِهِ وَحُصُولِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ، وَعَلَى اسْتِقْبَاحِ ضِدِّ ذَلِكَ وَخِلَافِهِ، وَأَنَّ الْأَوَّلَ دَالٌّ عَلَى كَمَالِ فَاعِلِهِ وَعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ، وَضِدُّهُ دَالٌّ عَلَى نَقْصِهِ، وَهَذِهِ فِطْرَةٌ لَا يُمْكِنُهُمُ الْخُرُوجُ عَنْ مُوجِبِهَا، فَهُوَ سُبْحَانَهُ يَضَعُ الْأَشْيَاءَ فِي مَوَاضِعِهَا الَّتِي لَا يَلِيقُ بِهَا سِوَاهَا، وَيَخُصُّهَا مِنَ الصِّفَاتِ وَالْأَشْكَالِ وَالْهَيْئَاتِ وَالْمَقَادِيرِ بِمَا هُوَ أَنْسَبُ لَهَا مِنْ غَيْرِهِ، وَأَبْرَزُهَا فِي أَوْقَاتِهَا الْمُنَاسِبَةِ لَهَا، وَمَنْ لَهُ نَظَرٌ صَحِيحٌ وَأَعْطَى التَّأَمُّلَ حَقَّهُ شَهِدَ ذَلِكَ فِيمَا رَآهُ وَعَلِمَهُ، وَاسْتَدَلَّ بِمَا شَاهَدَهُ عَلَى مَا خَفِيَ عَنْهُ، وَقَدْ نَدَبَ سُبْحَانَهُ عِبَادَهُ إِلَى ذَلِكَ فَقَالَ ﴿وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾ [الذاريات: ٢١] .
[إدراك حكمة الله في خلقه]
وَمَنْ نَظَرَ فِي هَذَا الْعَالَمِ وَتَأَمَّلَهُ حَقَّ تَأَمُّلٍ وَجَدَهُ كَالْبَيْتِ الْمَبْنِيِّ الْمُعَدِّ فِيهِ جَمِيعُ عَتَادِهِ، فَالسَّمَاءُ مَرْفُوعَةٌ كَالسَّقْفِ، وَالْأَرْضُ مَمْدُودَةٌ كَالْبِسَاطِ، وَالنُّجُومُ مَنْضُودَةٌ كَالْمَصَابِيحِ، وَالْمَنَافِعُ مَخْزُونَةٌ كَالذَّخَائِرِ، كُلُّ شَيْءٍ مِنْهَا لِأَمْرٍ يَصْلُحُ لَهُ، وَالْإِنْسَانُ الْمُخَوَّلُ فِيهِ، وَضُرُوبُ النَّبَاتِ مُهَيَّئَاتٌ لِمَآرِبِهِ، وَصُنُوفُ الْحَيَوَانِ مُصَرَّفَةٌ فِي مَصَالِحِهِ، فَمِنْهَا مَا هُوَ لِلدَّرِّ وَالنَّسْلِ وَالْغِذَاءِ فَقَطْ، وَمِنْهَا مَا هُوَ لِمَرْكُوبٍ وَالْحُمْلَةِ فَقَطْ، وَمِنْهَا مَا هُوَ لِلْجَمَالِ وَالزِّينَةِ، وَمِنْهَا مَا يَجْمَعُ ذَلِكَ كُلَّهُ بِالْإِبِلِ، وَجَعَلَ أَجْوَافَهَا خَزَائِنَ لِمَا هُوَ شَرَابٌ وَغِذَاءٌ وَدَوَاءٌ وَشِفَاءٌ، فَفِيهَا عِبْرَةٌ لِلنَّاظِرِينَ وَآيَاتٌ لِلْمُتَوَسِّمِينَ، وَفِي الطَّيْرِ وَاخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا وَأَشْكَالِهَا وَأَلْوَانِهَا وَمَقَادِيرِهَا وَمَنَافِعِهَا وَأَصْوَاتِهَا صَافَّاتٍ وَقَابِضَاتٍ، وَغَادِيَاتٍ وَرَائِحَاتٍ، وَمُقِيمَاتٍ وَظَاعِنَاتٍ، أَعْظَمُ عِبْرَةٍ وَأَعْظَمُ دَلَالَةٍ عَلَى حِكْمَةِ الْخَلَّاقِ الْعَلِيمِ، وَكُلُّ مَا أَخَذَهُ النَّاسُ وَأَدْرَكُوهُ بِالْأَفْكَارِ الطَّوِيلَةِ وَالتَّجَارِبِ الْمُتَعَدِّدَةِ مِنْ أَصْنَافِ الْآلَاتِ وَالْمَصَانِعِ وَغَيْرِهَا إِذَا فَكَّرَ فِيهَا الْمُتَفَكِّرُ وَجَدَهَا مُشْتَقَّةً مِنَ الْخِلْقَةِ، وَمُسْتَنْبَطَةً مِنَ الصُّنْعِ الْإِلَهِيِّ.
مِثَالُ ذَلِكَ أَنَّ الْقَبَّانَ مُسْتَنْبِطٌ مِنْ خَلْقِهِ الْبَعِيرُ، فَإِنَّهُمْ لَمَّا رَأَوْهُ يَنْهَضُ بِحَمْلِهِ وَيَنُوءُ بِهِ وَيَمُدُّ عُنُقَهُ وَيُوَازِنُ حَمْلَهُ بِرَأْسِهِ اسْتَنْبَطُوا الْقَبَّانَ مِنْ ذَلِكَ، وَجَعَلُوا طُولَ حَدِيدَتِهِ فِي مُقَابَلَةِ طُولِ الْعُنُقِ، وَرُمَّانُ الْقَبَّانِ فِي مُقَابَلَةِ رَأْسِ الْبَعِيرِ فَتَمَّ لَهُمْ مَا اسْتَنْبَطُوهُ، كَذَلِكَ اسْتَنْبَطُوا بِنَاءَ الْأَقْبِيَةِ مِنْ ظَهْرِهِ، فَإِنَّهُمْ وَجَدُوهُ يَحْمِلُ مَا لَا يَحْمِلُ غَيْرُهُ فَتَأَمَّلُوا ظَهْرَهُ فَإِذَا
1 / 226