بسم الله الرحمن الرحيم
قال الشيخ أبو محمد عبد الله بن سعد بن أبي جمرة الأزدي رحمه الله : الحمد لله حق حمده ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الخيرة من خلقه ، وعلى الصحابة السادة المختارين لصحبته ، وبعد
فلما كان الحديث وحفظه من أقرب الوسائل إلى الله عز وجل بما بمقتضى الآثار في ذلك ، فمنها قوله - صلى الله عليه وسلم -: « من أدى إلى أمتي حديثا واحدا يقيم به سنة ، أو يرد به بدعة ، فله الجنة » ، ومنها قوله - صلى الله عليه وسلم -: « من حفظ على أمتي حديثا واحدا كان له أجر أحد وسبعين نبيا صديقا » ، والأثر في ذلك كثير .(( قلت : هذه الأحاديث لم يثبت منها شيء ))
ورأيت الهمم قد قصرت عن حفظها مع كثرة كتبها من أجل أسانيدها فرأيت أن آخذ من أصح كتبه كتابا أختصر منه أحاديث بحسب الحاجة إليها ، وأختصر أسانيدها ما عدا راوي الحديث ، فلا بد منه فيسهل حفظها وتكثر الفائدة فيها إن شاء الله تعالى ، فوقع لي أن يكون كتاب البخاري لكونه من أصحها ولكونه رحمه الله تعالى كان من الصالحين وكان مجاب الدعوة ودعا لقارئه ، وقد قال لي من لقيته من القضاة الذين كانت لهم المعرفة والرحلة عمن لقي من السادة المقر لهم بالفضل : إن كتابه ما قرئ في وقت شدة إلا فرجت ، ولا ركب به في مركب فغرقت قط ، فرغبت مع بركة الحديث في تلك البركات ، لما في القلوب من الصدأ ؛ فلعله بفضل الله أن يكشف عما بها ، وأن يفرج شديد الأهواء التي تراكمت عليها ، ولعل بحمل تلك الأحاديث الجليلة تعفى من الغرق في بحور البدع والآثام .
فلما كملت بحسب ما وفق الله إليه فإذا هي ثلاثمائة حديث غير بضع فكان أولها كيف كان بدء الوحي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وآخرها دخول أهل الجنة الجنة وإنعام الله عليهم بدوام رضاه فيها ؛ فسميته بمقتضى وضعه :
جمع النهاية في بدء الخير والغاية .
Página 2