78

Mukhtaṣar Minhāj al-Sunnah al-Nabawiyyah

مختصر منهاج السنة النبوية

Editorial

دار الصديق للنشر والتوزيع، صنعاء - الجمهورية اليمنية

Número de edición

الثانية، 1426 هـ - 2005 م

من كان أعز كان أعظم إيمانا.

ومن المعلوم أن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، الخلفاء الراشدين وغيرهم كانوا أعز الناس، وهذا كله مما يبين أن المنافقين كانوا ذليلين في المؤمنين.

فلا يجوز أن يكون الأعزاء من الصحابة منهم، ولكن هذا الوصف مطابق للمتصفين به من الرافضة وغيرهم، والنفاق والزندقة في الرافضة أكثر منه في سائر الطوائف.

بل لا بد لكل منهم من شعبة نفاق، فإن أساس النفاق الذي بني عليه، الكذب، وأن يقول الرجل بلسانه ما ليس في قلبه، كما أخبر الله تعالى عن المنافقين أنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم.

والرافضة تجعل هذا من أصول دينها وتسميه التقية وتحكي هذا عن أئمة أهل البيت الذين برأهم الله عن ذلك، حتى يحكوا ذلك عن جعفر الصادق أنه قال التقية ديني ودين آبائي وقد نزه الله المؤمنين من أهل البيت وغيرهم عن ذلك.

بل كانوا من أعظم الناس صدقا وتحقيقا للإيمان، وكان دينهم التقوى لا التقية، وقول الله تعالى: {لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون

المؤمنين ومن يفعل ذلك فليسمن الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاه} (1) . إنما هو الأمر بالاتقاء من الكافرين، لا الأمر بالنفاق والكذب.

والله تعالى قد أباح لمن أكره على كلمة الكفر أن يتكلم بها، إذا كان قلبه مطمئنا بالإيمان، لكن لم يكره أحدا من أهل البيت على شيء من ذلك، حتى أن أبا بكر - رضي الله عنه - لم يكره أحدا لا منهم، ولا من غيرهم على متابعته، فضلا على أن يكرههم على مدحه، والثناء عليه.

بل كان علي وغيره من أهل البيت يظهرون ذكر فضائل الصحابة والثناء عليهم والترحم عليهم والدعاء لهم ولم يكن أحد يكرههم على شيء منه باتفاق الناس.

وقد كان زمن بني أمية وبني العباس خلق عظيم دون علي وغيره في الإيمان والتقوى يكرهون منهم أشياء ولا يمدحونهم ولا يثنون عليهم، ولا يقربونهم، ومع هذا لم يكن هؤلاء يخافونهم، ولم يكن أولئك يكرهونهم مع أن الخلفاء الراشدين كانوا باتفاق الخلق أبعد عن قهر الناس وعقوبتهم على طاعتهم، من هؤلاء.

Página 83