ينفعكم اليوم إذا ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون} (1) .
وأيضا فمن المعلوم أن أشرف مسائل المسلمين وأهم المطالب في الدنيا ينبغي أن يكون ذكرها في كتاب الله تعالى أعظم من غيرها وبيان الرسول لها أولى من بيان غيرها، والقرآن مملوء بذكر توحيد الله تعالى وذكر أسمائه وصفاته، وآياته، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقصص، والأمر والنهي، والحدود، والفرائض، بخلاف الإمامة فكيف يكون القرآن مملوء بغير الأهم الأشرف؟ وأيضا فإن الله تعالى قد علق السعادة بما لا ذكر فيه للإمامة، فقال: {ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا} (2) وقال:
{ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات} إلى قوله: {ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين} (3) .
فقد بين الله في القرآن أن من أطاع الله ورسوله كان سعيدا، في الآخرة ومن عصى الله ورسوله وتعدى حدوده كان معذبا، وهذا هو الفرق بين السعداء والأشقياء، ولم يذكر الإمامة.
فإن قال قائل: إن الإمامة داخلة في طاعة الله ورسوله. قيل نهايتها أن تكون كبعض الواجبات، كالصلاة والزكاة والصيام والحج وغير ذلك، مما يدخل في طاعة الله ورسوله، فكيف تكون هي وحدها أشرف مسائل المسلمين وأهم مطالب الدين؟ فإن قيل لا يمكننا طاعة الرسول إلا بطاعة الإمام، فإنه هو الذي يعرف الشرع. قيل هذا هو دعوى المذهب، ولا حجة فيه، ومعلوم أن القرآن لم يدل على هذا كما دل على سائر أصول الدين، وقد تقدم أن هذا الإمام الذي يدعونه لم ينتفع به أحد في ذلك، وسيأتي إن شاء الله تعالى أن ما جاء به الرسول لا يحتاج في معرفته إلى أحد من الأئمة.
Página 43