Mukhtaṣar Minhāj al-Sunnah al-Nabawiyyah
مختصر منهاج السنة النبوية
Editorial
دار الصديق للنشر والتوزيع، صنعاء - الجمهورية اليمنية
Número de edición
الثانية، 1426 هـ - 2005 م
وهؤلاء متفقون على محبة الصحابة وموالاتهم وتفضيلهم على سائر القرون وعلى أن إجماعهم حجة، وعلى أنه ليس لهم الخروج عن إجماعهم، بل عامة الأئمة المجتهدين يصرحون بأنه ليس لنا أن نخرج عن أقاويل الصحابة، فكيف يطعن عليهم بمخالفة الصحابة من يقول: إن إجماع الصحابة ليس بحجة، وينسبهم إلى الكفر والظلم؟
فإن كان إجماع الصحابة حجة فهو حجة على الطائفتين، وإن لم يكن حجة فلا يحتج به عليهم.
وإن قال: أهل السنة يجعلونه حجة، وقد خالفوه.
قيل: أما أهل السنة فلا يتصور أن يتفقوا على مخالفة إجماع الصحابة، وأما الإمامية فلا ريب أنهم متفقون على مخالفة إجماع العترة النبوية، مع مخالفة إجماع الصحابة، فإن لم يكن في العترة النبوية -بنو هاشم - على عهد النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي رصى الله عنهم من يقول بإمامة الاثني عشر ولا بعصمة أحد بعد النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، ولا بكفر الخلفاء الثلاثة، بل ولا من يطعن في إمامتهم، بل ولا من ينكر الصفات، ولا من يكذب بالقدر.
فالإمامية بلا ريب متفقون على مخالفة إجماع العترة النبوية، مع مخالفتهم لإجماع الصحابة، فكيف ينكرون على من لم يخالف لا إجماع الصحابة ولا إجماع العترة؟ .
الوجه الخامس: أن قوله: ((أحدثوا مذاهب أربعة لم تكن على عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم)) . إن أراد بذلك أنهم اتفقوا على أن يحدثوا هذه المذاهب مع مخالفة الصحابة فهذا كذب عليهم، فإن هؤلاء الأئمة لم يكونوا في عصر واحد، بل أبو حنيفة توفي سنة خمسين ومائة ومالك سنة تسع وسبعين ومائة، والشافعي سنة أربع ومائتين، وأحمد بن حنبل سنة
إحدى وأربعين ومائتين، وليس في هؤلاء من يقلد الآخر، ولا من يأمر باتباع الناس له، بل كل منهم يدعو إلى متابعة الكتاب والسنة، وإذا قال غيره قولا يخالف الكتاب والسنة عنده رده، ولا يوجب على الناس تقليده.
وإن قلت ان هذه المذاهب اتبعهم الناس، فهذا لم يحصل بموطأة، بل اتفق أن قوما اتبعوا هذا، وقوما اتبعوا هذا، كالحجاج الذين طلبوا من يدلهم على الطريق، فرأى قوم هذا الدليل خبيرا فاتبعوه، وكذلك الآخرون.
Página 113