284

Mukhtasar Ma'arij al-Qubool

مختصر معارج القبول

Editorial

مكتبة الكوثر

Número de edición

الخامسة

Año de publicación

١٤١٨ هـ

Ubicación del editor

الرياض

Géneros

الفصل الثالث: الإحسان
وهذه الْمَرْتَبَةُ هِيَ الثَّالِثَةُ مِنْ مَرَاتِبِ الدِّينِ الْمُفَصَّلَةِ في حديث جبريل وهي أعلى مراتب الدين.
١-معنى الإحسان:
وَالْإِحْسَانُ لُغَةً: إِجَادَةُ الْعَمَلِ وَإِتْقَانُهُ وَإِخْلَاصُهُ. وَفِي الشَّرِيعَةِ: هُوَ مَا فَسَّرَهُ النَّبِيُّ ﷺ بِقَوْلِهِ: (أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ) .
وقد سبق أَنَّهُ ﷺ فَسَّرَ الْإِسْلَامَ بالأقوال والأعمال الظاهرة وفسر الإيمان بالأركان الباطنة، أما الإحسان فهو تَحْسِينُ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ وَمَجْمُوعُ ذَلِكَ هُوَ الدِّينُ، وهذا التفسير للإسلام والإيمان والإحسان عند اقترانها كما في حديث جبريل ﵇، أما عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَكُلٌّ مِنْهَا يَشْمَلُ دِينَ اللَّهِ كله.
٢-درجات الإحسان ومقامات المحسنين فيه:
والمقصود في هذا الفصل أن النبي ﷺ فسر الإحسان تَفْسِيرًا لَا يَسْتَطِيعُهُ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ أَحَدٌ غَيْرَهُ لِمَا أَعْطَاهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ جَوَامِعِ الْكَلِمِ، فَقَالَ ﷺ: (الْإِحْسَانُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تراه فإنه يراك) فأخبر أَنَّ مَرْتَبَةَ الْإِحْسَانِ عَلَى دَرَجَتَيْنِ وَأَنَّ لِلْمُحْسِنِينَ فِي الْإِحْسَانِ مَقَامَيْنِ مُتَفَاوِتَيْنِ:
الْمَقَامُ الْأَوَّلُ - وَهُوَ أَعْلَاهُمَا -: أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، وَهَذَا مَقَامُ الْمُشَاهِدَةِ، وَهُوَ أَنْ يَعْمَلَ الْعَبْدُ عَلَى مقتضى مشاهدته لله ﷿ بقلبه، فَمَنْ عَبَدَ اللَّهَ ﷿ عَلَى اسْتِحْضَارِ قربه منه وإقباله ليه وَأَنَّهُ بَيْنَ يَدَيْهِ كَأَنَّهُ يَرَاهُ أَوْجَبَ لَهُ ذلك الخشية والخوف والهيبة والتعظيم.
والمقام الثَّانِي: مَقَامُ الْإِخْلَاصِ، وَهُوَ أَنْ يَعْمَلَ الْعَبْدُ عَلَى اسْتِحْضَارِ مُشَاهَدَةِ

1 / 309