Mukhtasar Ma'arij al-Qubool
مختصر معارج القبول
Editorial
مكتبة الكوثر
Número de edición
الخامسة
Año de publicación
١٤١٨ هـ
Ubicación del editor
الرياض
Géneros
-وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كنتم تعملون﴾ (١) أي بسبه، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تعملون﴾ (٢) . فالآيتان فيهما دلالة واضحة على أن عمل العبد وكسبه يضاف إليه وأن له قدرة على عمله وله مشيئة يثاب أو يعاقب بمقتضاها.
-وللبخاري عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ﵁ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَوْمَ الْخَنْدَقِ يَنْقُلُ مَعَنَا التُّرَابَ وَهُوَ يَقُولُ: (وَاللَّهِ لَوْلَا اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا وَلَا صُمْنَا ولا صلينا..) .
-فالحديث واضح الدلالة في أن كل شيء في قدرة الله وأمره بما في ذلك الاهتداء، وأن الله ﷿ هو موجد الهداية وخالقها والعبد لم يخلق فعل نفسه ولم يوجده، فَكَمَا لَمْ يُوجِدِ الْعِبَادُ أَنْفُسَهُمْ لَمْ يُوجِدُوا أَفْعَالَهُمْ، فَقُدْرَتُهُمْ وَإِرَادَتُهُمْ وَمَشِيئَتُهُمْ وَأَفْعَالُهُمْ تَبَعٌ لِقُدْرَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَإِرَادَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ وَأَفْعَالِهِ إِذْ هُوَ تَعَالَى خَالِقُهُمْ وَخَالِقُ قُدْرَتِهِمْ وَمَشِيئَتِهِمْ وَإِرَادَتِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ. وليس مشيئتهم وأرادتهم وَأَفْعَالُهُمْ هِيَ عَيْنُ مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِرَادَتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَفِعْلِهِ. كَمَا لَيْسُوا هُمْ إِيَّاهُ تَعَالَى الله عن ذلك، فالله تَعَالَى هادٍ حَقِيقَةً وَالْعَبْدُ مهتدٍ حَقِيقَةً، وَلِهَذَا أضاف الله تعالى في الآية كُلًّا مِنَ الْفِعْلَيْنِ إِلَى مَنْ قَامَ بِهِ فقال ﷿: ﴿كم يهد الله فهو المهتد﴾ (٣) . وفي الحديث أضاف الرسول ﷺ الاهتداء والصلاة والصوم للعباد، ولكنه بين مع ذلك أنهم لم يخلقوا ذلك ولم يوجدوه بأنفسهم وإنما عملوه وكسبوه بإقدار الله لهم على ذلك وتوفيقهم له، وهذا واضح في قي قوله: (والله لولا الله ما اهتدينا ...) فَإِضَافَةُ الْهِدَايَةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى حَقِيقَةً وَإِضَافَةُ الاهتداء إلى العبد حقيقية، وَكَمَا أَنَّ الْهَادِيَ تَعَالَى لَيْسَ هُوَ عَيْنُ
(١) الزخرف: ٧٢.
(٢) السجدة: ١٤.
(٣) الكهف: ١٧.
1 / 288