129

Mukhtasar Ma'arij al-Qubool

مختصر معارج القبول

Editorial

مكتبة الكوثر

Número de edición

الخامسة

Año de publicación

١٤١٨ هـ

Ubicación del editor

الرياض

Géneros

بِبَعْضِ أُمُورِ الدُّنْيَا الَّتِي لَمْ يُبْعَثْ بِسَبَبِهَا وَلَا كَانَ مُفَضَّلًا مِنْ أَجْلِهَا وَهُوَ مِمَّا يعرض للبشر، وإذا كان الأمر كذلك فغير بعيد أن يخيل إليه ﷺ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا مَا لَا حَقِيقَةَ لَهُ، وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ إِنَّمَا كَانَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أنه وطيء زوجاته وليس بواطيء، وَقَدْ يَتَخَيَّلُ الْإِنْسَانُ مِثْلَ هَذَا فِي الْمَنَامِ فَلَا يَبْعُدُ تَخَيُّلُهُ فِي الْيَقَظَةِ وَلَا حَقِيقَةَ لَهُ، وَقِيلَ إِنَّهُ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ فَعَلَهُ وما فعله ولكن لا يعتقد صحة ما يتخيله. قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَقَدْ جَاءَتْ رِوَايَاتُ هَذَا الْحَدِيثِ مُبَيِّنَةً أَنَّ السِّحْرَ إِنَّمَا تَسَلَّطَ عَلَى جَسَدِهِ وَظَوَاهِرِ جَوَارِحِهِ لَا عَلَى عَقْلِهِ وَقَلْبِهِ وَاعْتِقَادِهِ، وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ حَتَّى يَظُنَّ أَنَّهُ يَأْتِي أَهْلَهُ وَلَا يَأْتِيهِنَّ، وَيُرْوَى: يُخَيَّلُ إِلَيْهِ، أَيْ يَظْهَرُ له من شدة نَشَاطِهِ وَمُتَقَدِّمُ عَادَتِهِ الْقُدْرَةُ عَلَيْهِنَّ فَإِذَا دَنَا مِنْهُنَّ أَخَذَتْهُ أَخْذَةُ السِّحْرِ فَلَمْ يَأْتِهِنَّ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ ذَلِكَ كَمَا يَعْتَرِي الْمَسْحُورَ، وَكُلُّ مَا جَاءَ فِي الرِّوَايَاتِ مِنْ أَنَّهُ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ فِعْلُ شَيْءٍ لَمْ يَفْعَلْهُ وَنَحْوُهُ فَمَحْمُولٌ على التخيل بالبصر لا الخلل المتطرق للعقل (١) اهـ. جـ- حكم الساحر: الساحر الذي يمارس السحر المتعلم من الشياطين أو الذي تدخل فيه الشياطين كافر، تعلم هذا السحر أَوْ عَلَّمَهُ، عَمِلَ بِهِ أَوْ لَمْ يَعْمَلْ، وقد علم أن هذا السِّحْرَ لَا يَعْمَلُ إِلَّا مَعَ مَنْ كَفَرَ بالله، وَمَعْلُومٌ أَنَّ اسْتِبْدَالَ مَا تَتْلُوهُ الشَّيَاطِينُ وَتَتَقَوَّلُهُ وَالِانْقِيَادَ لَهُ وَالْعَمَلَ بِهِ عِوَضًا عَمَّا أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى رَسُولِهِ ﷺ مِنْ أَعْظَمَ الْكُفْرِ وَهُوَ مِنْ عِبَادَةِ الطَّاغُوتِ الَّتِي هِيَ أَصِلُ الْكُفْرِ وَقَدْ سَمَّى اللَّهُ تَعَالَى طَاعَةَ الْعُلَمَاءِ وَالْأُمَرَاءِ فِي تَحْلِيلِ مَا حرم الله أو تحريم ما أحله عِبَادَةً وَأَنَّهُ اتِّخَاذٌ لَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ الله فَكَيْفَ فِي طَاعَةِ الشَّيْطَانِ فِيمَا يُنَافِي الْوَحْيَ فهل فوق هذا الشرك من كفر، والآيات صريحة في كفر الساحر كقوله تعالى: ﴿وما

(١) أي ليس تخيله اعتقادًا منه أنه فعله حقيقة وإنما رؤية خيالية لشيء أمامه مع اعتقاده بأنه لا يفعل ما هو مخيل له - والله أعلم -.

1 / 145