Mukhtasar Kitab Al-I'tisam

Alawi Al-Saqaf d. Unknown
83

Mukhtasar Kitab Al-I'tisam

مختصر كتاب الاعتصام

Editorial

دار الهجرة للنشر والتوزيع

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م

Géneros

الذرائع (١)، إنْ ذَهَبَ مُجْتَهِدٌ إِلَى عَدَمِ سَدِّ الذَّرِيعَةِ في غير محل النص، فَلَا شَكَّ أنَّ الْعَمَلَ الْوَاقِعَ عِنْدَهُ مَشْرُوعٌ وَيَكُونُ لِصَاحِبِهِ أَجْرُهُ، وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى سَدِّهَا - وَيَظْهَرُ ذَلِكَ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ السَّلَفِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ - فَلَا شَكَّ أنَّ ذَلِكَ الْعَمَلَ مَمْنُوعٌ؛ وَمَنْعُهُ يَقْتَضِي بِظَاهِرِهِ أَنَّهُ مَلُومٌ عَلَيْهِ، وَمُوجِبٌ لِلذَّمِّ إِلَّا أنْ يُذْهَبَ إِلَى أنَّ النَّهْيَ فِيهِ راجعٌ إِلَى أَمْرٍ مُجَاوِرٍ، فَهُوَ مَحَلُّ نَظَرٍ وَاشْتِبَاهٍ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ انْفِكَاكُ الْأَمْرَيْنِ، بِحَيْثُ يَصِحُّ أنْ يَكُونَ الْعَمَلُ مَأْمُورًا بِهِ مِنْ جِهَةِ نَفْسِهِ، وَمَنْهِيًّا عَنْهُ مِنْ جِهَةِ مَآلِهِ، وَلَنَا فِيهِ مَسْلَكَانِ: (أَحَدُهُمَا): التَّمَسُّكُ بِمُجَرَّدِ النَّهْيِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلاَ تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ (٢) وَالنَّهْيُ أَصْلُهُ أنْ يَقَعَ عَلَى الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ مُعَلَّلًا، وَصَرْفُهُ إِلَى أَمْرٍ مُجَاوِرٍ خِلَافُ أَصْلِ الدَّلِيلِ، فَلَا يُعْدَلُ عَنِ الْأَصْلِ إِلَّا بِدَلِيلٍ، فَكُلُّ عِبَادَةٍ نُهِيَ عَنْهَا فَلَيْسَتْ بِعِبَادَةٍ، إِذْ لَوْ كَانَتْ عِبَادَةً لَمْ يُنْهَ عَنْهَا، فَالْعَامِلُ بِهَا عَامِلٌ بِغَيْرِ مَشْرُوعٍ فَإِذَا اعْتَقَدَ فِيهَا التَّعَبُّدَ مَعَ هَذَا النَّهْيِ كَانَ مبتدعًا بها. (الثَّانِي): مَا دَلَّ فِي بَعْضِ مَسَائِلِ الذَّرَائِعِ عَلَى أنَّ الذَّرَائِعَ فِي الْحُكْمِ بِمَنْزِلَةِ الْمُتَذَرَّعِ إِلَيْهِ، وَمِنْهُ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: «مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ أنْ يَسُبَّ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَهَلْ يَسُبُّ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ يَسُبُّ أَبَا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ أَبَاهُ وأُمه» (٣) فَجَعَلَ سَبَّ الرَّجُلِ لِوَالِدَيْ غَيْرِهِ بِمَنْزِلَةِ سَبِّهِ لِوَالِدَيْهِ نَفْسِهِ، حَتَّى تَرْجَمَهُ عَنْهَا بِقَوْلِهِ: «أنْ يَسُبَّ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ» وَلَمْ يَقُلْ: أنْ يَسُبَّ الرَّجُلُ وَالِدَيْ مَنْ يَسُبُّ وَالِدَيْهِ، أو نحو

(١) الذرائع: هي الوسائل والطرق المُفضية إلى المقاصد، فإن كانت مفضية إلى مفسدة سددنا ومنعنا هذه الذريعة، وإن كانت في أصلها سالمة من المفاسد، فسد الذرائع معناه إذًا: منع وسائل الفساد. (٢) الأنعام: ١٠٨. (٣) رواه البخاري (٥٩٧٣) ومسلم (٩٠) من حديث عبد الله بن عمرو ﵄. وقد اختصر المصنف آخره.

1 / 80