117

Mukhtasar Kitab Al-I'tisam

مختصر كتاب الاعتصام

Editorial

دار الهجرة للنشر والتوزيع

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م

Géneros

الباب التاسع [في السبب الذي لأجله افترقت فِرَقُ المبتدعة عن جماعة المسلمين] قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ولَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزالُونَ مُخْتَلِفينَ إلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ﴾ (١) فَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أنَّهم لَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ أَبَدًا، مَعَ أنَّه إنَّما خَلَقَهُمْ لِلِاخْتِلَافِ، وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ فِي الْآيَةِ؛ وأنَّ قَوْلَهُ: «وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ» مَعْنَاهُ: وَلِلِاخْتِلَافِ خَلَقَهُمْ، وَهُوَ مرويٌ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ: خَلَقَهُمْ لِيَكُونُوا فَرِيقًا فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقًا فِي السَّعير، وَنَحْوَهُ عَنِ الْحَسَنِ فَالضَّمِيرُ فِي «خَلَقَهُمْ»، عائدٌ عَلَى النَّاسِ، فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَقَعَ مِنْهُمْ إِلَّا مَا سَبَقَ في العلم، وليس المرادُ ها هنا الِاخْتِلَافُ فِي الصُّور كالحَسنِ وَالْقَبِيحِ وَالطَّوِيلِ وَالْقَصِيرِ، وَلَا فِيمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْأَوْصَافِ الَّتِي هُمْ مُخْتَلِفُونَ فِيهَا. وإنَّما الْمُرَادُ اختلافٌ آخَرُ وَهُوَ الِاخْتِلَافُ الَّذِي بَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ لِيَحْكُمُوا فِيهِ بَيْنَ الْمُخْتَلِفِينَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا

(١) هود: ١١٩.

1 / 116