Mukhtasar Kitab Al-I'tisam
مختصر كتاب الاعتصام
Editorial
دار الهجرة للنشر والتوزيع
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م
Géneros
الْمُلَاءَمَةِ، ولأنَّ الْعِبَادَاتِ لَيْسَ حُكْمُهَا حُكْمَ الْعَادَاتِ فِي أنَّ الْمَسْكُوتَ عَنْهُ كَالْمَأْذُونِ فِيهِ - إنْ قِيلَ بِذَلِكَ - فَهِيَ تُفَارِقُهَا، إِذْ لَا يُقْدَمُ عَلَى اسْتِنْبَاطِ عِبَادَةٍ لَا أَصْلَ لَهَا؛ لأنَّها مَخْصُوصَةٌ بِحُكْمِ الْإِذْنِ المُصَرَّح بِهِ، بِخِلَافِ الْعَادَاتِ، وَالْفَرْقِ بَيْنَهُمَا مَا تَقَدَّمَ مِنِ اهْتِدَاءِ الْعُقُولِ لِلْعَادِيَّاتِ فِي الْجُمْلَةِ، وَعَدَمِ اهْتِدَائِهَا لِوُجُوهِ التَّقَرُّبَاتِ إلى اللهِ تعالى.
فإذا ثبت أنَّ المصالح المرسلة ترجع إمَّا إِلَى حِفْظِ ضَرُورِيٍّ مِنْ بَابِ الْوَسَائِلِ أَوْ إِلَى التَّخْفِيفِ؛ فَلَا يُمْكِنُ إِحْدَاثُ الْبِدَعِ مِنْ جِهَتِهَا وَلَا الزِّيَادَةُ فِي الْمَنْدُوبَاتِ؛ لأنَّ الْبِدَعَ مِنْ بَابِ الْوَسَائِلِ، لأنَّها مُتَعبَّدٌ بِهَا بِالْفَرْضِ، ولأنَّها زيادة في التكليف وهو مضادٌ لِلتَّخْفِيفِ.
فَحَصَلَ مِنْ هَذَا كلِّه أَنْ لَا تعلَّق لِلْمُبْتَدِعِ بِبَابِ الْمَصَالِحِ الْمُرْسَلَةِ إِلَّا الْقِسْمَ الْمُلْغَى بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ، وحسبُك بِهِ متعلَّقًا، واللهُ الْمُوَفِّقُ.
وَبِذَلِكَ كُلِّهِ يُعلم مِنْ قصدِ الشَّارِعِ أنَّه لَمْ يَكِلْ شَيْئًا مِنَ التَّعَبُّدَاتِ إِلَى آرَاءِ الْعِبَادِ فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الْوُقُوفُ عِنْدَ مَا حدَّه، وَالزِّيَادَةُ عَلَيْهِ بِدْعَةٌ؛ كَمَا أنَّ النقصان منه بدعة.
فصل
[في الفرق بين البدع والاستحسان]
وأمَّا الِاسْتِحْسَانُ؛ فلأنَّ لِأَهْلِ الْبِدَعِ أَيْضًا تعلَّقًا بِهِ؛ فإنَّ الِاسْتِحْسَانَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِمُستحسِن، وَهُوَ إمَّا الْعَقْلُ أَوِ الشَّرْعُ.
أمَّا الشَّرْعُ فَاسْتِحْسَانُهُ وَاسْتِقْبَاحُهُ قَدْ فُرِغ مِنْهُمَا، لأنَّ الْأَدِلَّةَ اقتضت ذلك
1 / 105