Mukhtasar Kitab Al-I'tisam
مختصر كتاب الاعتصام
Editorial
دار الهجرة للنشر والتوزيع
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م
Géneros
الباب الثامن
[في الفرق بين البدع والمصالح المرسلة والاستحسان]
هَذَا الْبَابُ يُضْطَرُّ إِلَى الْكَلَامِ فِيهِ عِنْدَ النَّظَرِ فِيمَا هُوَ بِدْعَةٌ وَمَا لَيْسَ بِبِدْعَةٍ فإنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عدُّوا أَكْثَرَ الْمَصَالِحِ الْمُرْسَلَةِ بِدَعًا، وَنَسَبُوهَا إِلَى الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَجَعَلُوهَا حُجَّةً فِيمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ مِنْ اخْتِرَاعِ الْعِبَادَاتِ، وقومٌ جَعَلُوا الْبِدَعَ تَنْقَسِمُ بِأَقْسَامِ أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ، فَقَالُوا: إنَّ مِنْهَا مَا هُوَ وَاجِبٌ وَمَنْدُوبٌ، وعدُّوا مِنَ الْوَاجِبِ كَتْبَ الْمُصْحَفِ وَغَيْرِهِ، وَمِنَ المندوب الاجتماع في قيام رمضان على قارىء وَاحِدٍ.
وَأَيْضًا فإنَّ الْمَصَالِحَ الْمُرْسَلَةَ يَرْجِعُ مَعْنَاهَا إِلَى اعْتِبَارِ الْمُنَاسِبِ الَّذِي لَا يَشْهَدُ لَهُ أَصْلٌ معيَّن، فَلَيْسَ لَهُ عَلَى هَذَا شَاهِدٌ شَرْعِيٌّ عَلَى الْخُصُوصِ، وَلَا كَوْنُهُ قِيَاسًا بِحَيْثُ إِذَا عُرض عَلَى الْعُقُولِ تَلَقَّتْهُ بِالْقَبُولِ، وَهَذَا بِعَيْنِهِ مَوْجُودٌ فِي الْبِدَعِ الْمُسْتَحْسَنَةِ، فإنَّها رَاجِعَةٌ إِلَى أُمور فِي الدِّينِ مَصْلَحِيَّةٍ - فِي زَعْمِ وَاضِعِيهَا - فِي الشَّرْعِ عَلَى الْخُصُوصِ.
وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنْ كَانَ اعْتِبَارُ الْمَصَالِحِ الْمُرْسَلَةِ حَقًّا، فَاعْتِبَارُ الْبِدَعِ الْمُسْتَحْسَنَةِ حَقٌّ، لأنَّهما يَجْرِيَانِ مِنْ وادٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنِ اعْتِبَارُ الْبِدَعِ حَقًّا، لَمْ يَصِحَّ اعْتِبَارُ الْمَصَالِحِ الْمُرْسَلَةِ.
وَأَيْضًا فإنَّ الْقَوْلَ بِالْمَصَالِحِ الْمُرْسَلَةِ لَيْسَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ، بل قد اختلف فيه أهل الأُصول.
1 / 99