فصلٌ (^١)
روى أبو ذرٍّ عن النبيِّ ﷺ أنه قال فيما يَروي عن ربِّه ﵎: «يا عبادي إني حرَّمْتُ الظُّلم على نفسي، وجعلتُه بينكم محرَّمًا، فلا تَظَالَموا …» (^٢) الحديثَ.
فقولُه: «إنِّي حرَّمْتُ الظُّلم على نفسي» فيه مسألتانِ كبيرتانِ، كلٌّ منهما ذاتُ شُعَبٍ وفروعٍ.
إحداهما: في الظُّلمَ الذي حرَّمه ونفاه عن نفْسِه بقولِه: ﴿وما ظلمناهم﴾، وقولِه: ﴿ولا يظلم ربك أحدا﴾، ﴿وما ربك بظلام للعبيد﴾، ﴿إن الله لا يظلم مثقال ذرة﴾، ﴿ولا تظلمون فتيلا﴾، ﴿وما الله يريد ظلما للعباد﴾، ﴿فلا يخاف ظلما ولا هضما﴾: فقد تنازعَ الناسُ في معنى هذا الظُّلمِ تنازعًا صاروا فيه بينَ طرفينِ ووسطٍ بينَهما، وخيارُ الأمورِ أوسطُها.
(^١) ينظر أصل هذه الفتوى في هذا الفصل والذي يليه في: مجموع الفتاوى ١٨/ ١٣٦، الفتاوى الكبرى ١/ ٧٥.
(^٢) رواه مسلم (٢٥٧٧).