El mar, el atardecer y otras historias: selecciones de cuentos de Yukio Mishima
البحر والغروب وقصص أخرى: مختارات قصصية ليوكيو ميشيما
Géneros
أخيرا لم تعد ريكو تستطيع النظر فحاولت الاقتراب من زوجها، ولكنها لم تقدر على الوقوف. ولأنها زحفت بركبتيها وسط الدماء مقتربة منه، فقد صار طرف ردائها الأبيض مصبوغا باللون الأحمر. دارت وذهبت خلف زوجها، وقدمت له العون ليستطيع فقط توسيع فتحة الياقة. أخيرا لمس نصل السيف المرتعش الحنجرة العارية. وقتها أحست ريكو أنها هي التي دفعت زوجها للأمام، ولكن لم يكن هذا ما حدث، بل كانت تلك آخر قوة يمتلكها الزوج بنفسه وبإرادته. قام فجأة بإلقاء جسده تجاه نصل السيف، فاخترق السيف رقبته، ومع نافورة الدم اللانهائية، سكن تماما تحت المصباح الكهربائي بجانب نصل السيف الأزرق الهادئ.
5
نزلت ريكو الدرج ببطء بجوربها الذي ينزلق بسبب الدماء. كان الطابق العلوي قد أصبح بالفعل في هدوء موحش.
قامت ريكو بإضاءة أنوار الطابق السفلي، وتأكدت من مواضع النار، ثم فحصت محبس الغاز الرئيسي، ورشت بعض الماء على منقل الفحم لإطفاء النيران المتبقية تحت الرماد. ثم ذهبت إلى المرآة في الغرفة الصغرى، ورفعت ثيابها المتدلية. وظهرت الدماء التي على الرداء الداخلي الأبيض، وكأنها تصميم قوي جريء رائع الجمال. وبعد أن جلست أمام المرآة، شعرت ببرودة قليلة عند منطقة الفخذ التي كانت قد تبللت بدماء زوجها، مما جعل جسدها يرتعش. ثم بعد ذلك استغرقت وقتا طويلا في إصلاح زينتها. وضعت على خدها مسحوقا بلون أحمر غامق، وكذلك صبغت شفتيها بلون غامق. لم تكن تلك الزينة من أجل زوجها الراحل، بل هي زينة من أجل العالم الذي ستتركه؛ ولذا فقد كانت لمسة الفرشاة تحتوي على شيء هائل. عندما وقفت كان حصير التاتامي أمام المرآة قد تبقع كذلك بالدماء، ولكن ريكو لم تأبه لذلك.
ثم بعد ذلك ذهبت إلى المرحاض، وفي النهاية وقفت أمام الباب في مدخل البيت. لقد كان إغلاق زوجها لقفل المنزل ليلة أمس علامة الاستعداد للموت. فكرت ريكو لفترة بعمق في أفكار ساذجة. هل يجب أن تفتح قفل الباب أم لا؟ إذا أغلقت باب المنزل، فمن المحتمل ألا ينتبه الجيران لعدة أيام إلى موتهما. كانت ريكو لا تفضل أن يتم اكتشاف جثتيهما بعد تعفنهما؛ لذا من الأفضل عدم غلق قفل الباب. فتحت ريكو قفل الباب، ودفعت مزلاج الباب الزجاجي المصقول ففتحته قليلا. وعلى الفور هبت عليها نسمات من الهواء البارد. الطرقات في هذا الوقت المتأخر من الليل خالية تماما من أي أثر لإنسان، وظهرت لها النجوم المتجمدة تتلألأ في حديقة الأشجار بين منزلهما والمنزل المقابل.
تركت ريكو الباب بهذا الشكل كما هو وصعدت درجات السلم. لم يعد الجورب ينزلق، لأنها سارت به داخل المنزل. كانت الرائحة النفاذة العطنة قد اجتاحت بالفعل المكان لتصل أنفها عند منتصف الدرج.
كان زوجها منبطحا على وجهه في بحر من الدماء. وأحست ريكو أن حد السيف الواقف من عنقه قد صار أكثر بروزا عن ذي قبل.
مشت ريكو فوق بحر الدماء غير عابئة. ثم جلست بجوار جثة زوجها. وظلت تتأمل جانب وجهه المنبطح فوق حصير التاتامي. كان الزوج فاتحا عينيه على وسعهما، وكأنه قد انجذب لشيء ما. رفعت رأسه تلك بطرف ردائها، ومسحت الدماء التي على شفتيه بذلك الطرف، ثم قبلته قبلة الوداع.
بعد ذلك قامت واقفة، وأخرجت من الخزانة لحافا أبيض جديدا وحزاما للخصر. لفت اللحاف حول خصرها حتى لا ينكشف طرف ردائها، ثم ربطته بقوة بواسطة حزام الخصر.
ثم جلست بعيدة عن جثة زوجها بمقدار ذراع. وأخرجت الخنجر من غمده، وظلت ترنو إلى حده اللامع الرائق ثم وضعته على لسانها. كان مذاق الصلب المصقول له قليل من طعم السكر.
Página desconocida