Selecciones de cuentos cortos
مختارات من القصص القصيرة
Géneros
أدارت الآنسة ديفاين مقعد البيانو بقوة، والتقت عيناها بعينيه. «أتستطيع قراءة الوجوه؟» «نعم.» «أخبرني إذن، ماذا قرأت أيضا في وجهي؟» «قرأت الصراحة والشجاعة ...» «آه، نعم، كل الفضائل. ربما. سنعتبر ذلك من المسلمات.» كان تحولها المفاجئ إلى الجدية غريبا. «حدثني عن الجانب الآخر مني.»
رد الغريب: «لا أرى جانبا آخر. لا أرى سوى فتاة جميلة تقف على أعتاب أنوثة نبيلة.» «فقط؟ ألم تر أثرا لطمع أو غرور أو خسة أو ...» ثم فلتت منها ضحكة غاضبة. واستطردت: «وتدعي أنك قارئ وجوه!»
قال الغريب: «ألا تصدقينني؟» ثم ابتسم. وأضاف: «هل تعرفين ما أراه مكتوبا على وجهك في هذه اللحظة؟ أرى حب الحقيقة في أشد صوره، أرى ازدراء للكذب والنفاق، أرى توقا إلى كل ما هو نقي، واحتقارا لكل ما يستحق الاحتقار، لا سيما ما يستحق الاحتقار في النساء. أخبريني، هل قراءتي صحيحة؟»
فكرت الفتاة متعجبة: ألهذا هرعت السيدتان الأخريان كلتاهما خارج الغرفة؟ هل يشعر الجميع بالخزي مما تنطوي عليه أنفسهم من خسة أمام عينيك الصافيتين اللتين تؤمنان بأفضل ما في البشر؟
خطر لها أن تسأله: «يبدو أن أبي كان لديه الكثير ليخبرك به في أثناء العشاء بينما تتحدثان معا. قل لي عم كنتما تتحدثان؟» «أتقصدين الرجل المهذب ذا المظهر العسكري الذي كان يجلس على يساري؟ لقد تحدثنا معظم الوقت عن أمك.»
ردت الفتاة شاعرة بالندم على طرح السؤال: «أنا آسفة. كنت آمل أن يكون قد اختار موضوعا آخر للحديث بينكما في أول مساء تقضيه معنا هنا!»
رد الغريب: «لقد حاول بالفعل فتح موضوع أو موضوعين آخرين، لكن معرفتي بشئون العالم محدودة للغاية؛ لذا سعدت عندما أخذ يتحدث عن نفسه. أشعر أننا سنصبح صديقين. ومن ناحية أخرى، لقد تحدث بمنتهى اللطف عن السيدة ديفاين.»
علقت الفتاة: «فعلا؟» «قال لي إنه طوال العشرين عاما التي قضاها متزوجا من أمك لم يندم على زواجه سوى مرة واحدة!»
حولت الفتاة عينيها السوداوين إليه فجأة، لكن نظرة الشك تبددت منهما ما إن التقت بعينيه. فأدارت وجهها كي تخفي ابتسامتها. «لقد ندم إذن على الزواج ... مرة واحدة.»
استطرد الغريب من فوره: «مرة واحدة فحسب، في نوبة ضيق عابرة. إن اعترافه يدل على ما يتسم به من صدق شديد. قال لي ... أعتقد أنه قد اطمأن إلي. في واقع الأمر، استشعرت ذلك من تصرفاته. قال إن فرصة الحديث إلى رجل مثلي لم تتح له كثيرا؛ قال إنه عندما يسافر مع أمك دائما ما يظنهما الناس زوجين في شهر العسل. وقد حكى لي بعض المواقف البالغة الظرف حقا.» ضحك الغريب عندما تذكرها ثم أضاف: «حتى هنا في هذا المكان، عادة ما يشار إليهما ب «الزوجين المحبين بعضهما لبعض إلى الأبد».»
Página desconocida