Selecciones de Cuentos Ingleses
مختارات من القصص الإنجليزي
Géneros
وكان المستر أوكهيرست قلما يعني نفسه بالعواطف الإنسانية، أو بما يليق وما لا يليق، وما يجب، وما لا يجب، ولكن إحساسا غامضا شاع في نفسه بأن الموقف خال مما يسمى حسن الحظ، على أنه كان له من حضور الذهن وسرعة الخاطر ما يكفي لإلهامه أن يرفس العم بيللي الذي كان يهم بكلام، وكان في العم بيللي بقية من الإدراك تجعله يفطن إلى ما وراء هذه الرفسة من القوة التي لا تحتمل العبث ولا تصبر عليه. ثم حاول المستر أوكهيرست، عبثا، أن يثني توم سيمون عما عزم عليه. ثم أنبأه أنه لا مئونة هناك ولا مأوى ولا وسيلة لمأوى. ولكن الغرير، لسوء الحظ، قابل هذا بأن أكد للقوم أن معه بغلا مثقلا بالزاد، وبأن أشار إلى كوخ من الخشب قريب من الطريق. وقال الغرير، وهو يومئ إلى الدوقة: «بيني تستطيع أن تكون مع السيدة (المسز) أوكهيرست. أما أنا فأستطيع أن أدبر أمري.»
ولولا ضغطة زاجرة من قدم المستر أوكهيرست لانفجر العم بيللي ضاحكا مجلجلا. وعلى أنه، على الرغم من هذا الانتهار، لم يستطع أن يكبح الضحك، فاضطر أن ينهض ويمضي إلى مجرى الوادي حتى يستعيد ضبط أعصابه. وهناك أفضى ببواعث الضحك إلى أشجار الصنوبر وهو يقرع ساقيه بكفيه وينحني بوجهه المغضن، ولا ينسى بذاءاته المألوفة. ولما عاد إلى القوم ألفاهم جلوسا حول نار، فقد صار البرد قارسا، وغلظ السحاب وتراكب. وكان الحديث على ما يبدو له وديا، وكانت بيني تتحدث على طريقتها الصبيانية الفطرية إلى الدوقة التي كانت تصغي بعناية واهتمام لم تظهر مثلهما في أيام كثيرة. وكان الغرير يتحدث على هذا النحو أيضا إلى المستر أوكهيرست والأم شبتون، فيحدث في نفسها مثل ذلك الأثر، حتى لقد ثابت إلى الأم شبتون نفسها فتطلق وجهها. وقال العم بيللي، عن احتقار كامن، وهو يتأمل الجمع والنار المشبوبة والدواب المشكولة:
5 «أترى هذه نزهة؟» ثم كأنما طافت برأسه المضطرب المخمور فكرة مغرية بالضحك فقد قرع ساقه بكفه ودس قبضته في فمه.
وارتمت الظلال شيئا فشيئا على الجبل، فهب النسيم بأشجار الصنوبر فحرك رءوسها وناح بين أغصانها. وأفرد الكوخ للسيدات بعد أن رموه وغطوه بأغصان الصنوبر، وافترق الحبيبان - الغرير وصاحبته - فتبادلا قبلة لا تكلف فيها - قبلة صريحة مخلصة من الممكن أن يسمع صوتها فوق حفيف الشجر المترنح ... قبلة أذهلت بما كشفت عنه من غرارة النفس وطهارة القلب، الدوقة الخوارة، والأم شبتون اللئيمة، فدارتا ودخلتا الكوخ بلا كلام. وألقي الحطب في النار، ورقد الرجال أمام الباب، وما لبثوا أن ناموا.
وكان المستر أوكهيرست خفيف النوم، فقبل أن ينبلج الصبح استيقظ مقرورا، وبجسمه خدر، وحرك النار المشفية على الخمود، فحملت الريح القوية إلى وجهه ما امتص الدم منه؛ الثلج!
فوثب إلى قدميه وفي عزمه أن يوقظ النائمين، فما بقي وقت يضاع. والتفت إلى حيث كان العم بيللي مستلقيا فلم يجده، فاختلج الشك في صدره، وجرى لسانه بلعنة، وذهب يعدو إلى حيث كانت الدواب مربوطة فلم يجدها! وكان الثلج المتساقط يطمس الآثار بسرعة.
ورجع المستر أوكهيرست، بعد هذا الاضطراب الوقتي، وهو ساكن كعادته. ولم يوقظ النائمين. وكان الغرير ينام نوما هادئا وعلى محياه ابتسامة، وكانت بيني العذراء راقدة إلى جانب صاحبتيها الطامحتي الطرف، وكأن عليها من الأملاك حفظة أمناء. وسحب المستر أوكهيرست غطاءه على كتفيه وراح ينتظر انبثاق الفجر، فطلع ومعه رهج
6
من الثلج تسفره الريح، فيزوغ البصر. وتغير ما كان باديا من وجه الأرض كأنما مرت عليه عصا ساحر، فنظر إلى الوادي ولخص الحاضر والمستقبل في أربع كلمات «في نطاق من الجمد.»
ودل الفحص الدقيق للزاد الموجود - وكان لحسن الحظ موضوعا في الكوخ، فنجا من العم بيللي - على أنه مع الحرص والحكمة يكفي عشرة أيام. وقال المستر أوكهيرست للغرير: «هذا إذا كنت ترضى أن تضيفنا وتطعمنا، أما إذا أبيت - وخير لك أن تأبى - فإن في وسعك أن تنتظر حتى يعود العم بيللي بالمئونة.» فقد عجز المستر أوكهيرست لسبب خفي أن يفضح العم بيللي ويظهر نذالته، ولهذا زعم أن العم بيللي خرج فنفر الدواب عفوا، وحذر الدوقة والأم شبتون، وكانتا قد عرفتا الحقيقة. وقال لهما: «سيعرفان حقيقة أمرنا جميعا، متى عرفا شيئا. ولا خير في إرعابهما الآن!»
Página desconocida