177

لقد قضيت أيامك القصار الطوال، في حرب مع المنية ونضال، فما صارعت في حماك مريضا إلا صرعتها، ولا قارعت بين يديك عليلا إلا قرعتها، حتى أصابتك من مأمنك، وعمدت إليك في المعركة وأنت تستخلص من لهوتها نفسا فرمتك بتلك اليد العسراء، فرحت الشهيد الكريم شهيد العلم والمروءة والوفاء.

لقد رماك الدهر بالأرزاء يافعا ، فاضطلعت بحملك الثقيل صابرا، ومضيت لطلبتك العظيمة في الحياة، تقتحم إليها العقبة بعد العقبة، ضاحك السن، طيب النفس، حتى إذا جزتها كلها، وانطلقت الآمال تهيئ لك ذلك المكان الرفيع الذي يعتليه المقاديم النابغون، إذا بيد القدر قد سبقت فمهدت لك هذا المضجع في جوانب القبر، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم! لهفي عليك! أي عين لم تدمع، وأي نفس لم تجزع، وأي كبد لم تتصدع، وأي يقين لم يتزعزع؟

لقد كان يدعى لابس الصبر حازما

فأصبح يدعى حازما حين يجزع

تلك حيلة الناس في عزائك، لو كان يلتمس في مثل رزئك السلوان، فاللهم أفض على عيوننا من الدمع بقدر ما يشب في قلوبنا من لوعة أسى، ويذكو في صدورنا من حرقة جوى، فتلك على «ضيائي» نعمة الصبر والعزاء.

يا من خلقت الدمع لط

فا منك بالعبد الحزين

بارك لعبدك في الدمو

ع فإنها نعم المعين

محمد بك أباظة1

Página desconocida