Resumen de la Historia de Dumyat: Política y Economía
مجمل تاريخ دمياط : سياسيا واقتصاديا
Géneros
ولما وصلت السفن الشاردة دعا الملك لويس التاسع قواده للتشاور ولاختيار الطريق الذي يسلكونه، أيتجهون نحو الإسكندرية أم يسيرون قدما إلى القاهرة؟ وأشار الكونت بيتر البريطاني
Count Peter of Brittany
ومعظم قواد الجيش بالمسير إلى الإسكندرية والاستيلاء عليها أولا، وكانت حجتهم معقولة وصحيحة من الناحية الحربية، وتتلخص في أن الإسكندرية كميناء تفضل دمياط في كثير؛ فهي أصلح لإيواء سفنهم، وإليها يستطيع أسطولهم أن يصل بالميرة من بلادهم في وقت قصير وجهد قليل، غير أن الكونت أرتوا
Artois - أخو الملك لويس - عارض هذا الرأي ونصح الملك بالاتجاه مباشرة نحو القاهرة للاستيلاء عليها، وحجته في ذلك أن القاهرة هي عاصمة الديار المصرية كلها، فالاستيلاء عليها يستتبع حتما الاستيلاء على مصر كلها، وأضاف إلى هذا قوله: «إذا أنت أردت قتل الأفعى فاضربها على رأسها.» واحتدم النقاش، وانتهى بإعراض الملك عن رأي قواده، وأخذه برأي أخيه، وتقرر بذلك مسير الجيش الفرنسي جنوبا نحو القاهرة، فكان هذا القرار حلقة جديدة في سلسلة الأخطاء التي انتهت بفشل الحملة.
أما المعسكر المصري فقد اضطرب اضطرابا شديدا لانسحاب حامية دمياط وفرار أهلها، ووقوعها في يد العدو، وكان السلطان الملك الصالح معسكرا بأشموم طناح والمرض يشتد به يوما بعد يوم، ولكنه مع هذا لم يفقد شجاعته، بل قرر أن يتراجع مع جيشه جنوبا إلى مدينة المنصورة لأنها تمتاز بموقع حصين، فالنيل يحميها غربا، وبحر أشموم طناح يفصل بينها وبين قوى الفرنسيين في الشمال، وبدأ الجند المصريون في تحصين المنصورة فأصلحوا السور الذى كان يحيط بها وستروه بالستائر «وقدمت الشواني المصرية بالعدد الكاملة والرجالة، وجاءت الغزاة والرجال من عوام الناس الذين يريدون الجهاد من كل النواحي، ووصلت عربان كثيرة جدا، وأخذوا في الغارة على الفرنج ومناوشتهم.» وأخذ هؤلاء المجاهدون والعربان يهاجمون معسكرات الفرنسيين حتى أقضوا مضاجعهم، فلم يكن يمر يوم دون أن يعودوا بعدد من الأسرى.
وفي ليلة الاثنين النصف من شعبان سنة 647 (22 نوفمبر 1249) مات السلطان الملك الصالح فكانت الطامة الكبرى؛ لأن الجند لو علموا بموته لتفرق شملهم وضعفت روحهم المعنوية، ولكن القدر هيأ لمصر في تلك الساعة العصيبة امرأة حازمة مدبرة هي شجرة الدر زوجة الملك الصالح، فقد أخفت عن الجميع خبر موت السلطان وأمرت بحمل جثته سرا في حراقة إلى قلعة الروضة، وعهدت للأمير فخر الدين بقيادة الجيش، وكان الأطباء يدخلون كالعادة إلى حجرة السلطان كل يوم وكأنهم يعودونه، كما كانت الأوراق الرسمية تدخل إلى نفس الغرفة وتخرج ممهورة بإمضاء السلطان وعلامته بخط يشبه خطه كل الشبه.
وأرسلت الرسل إلى الملك المعظم تورانشاه بن الصالح - وكان مقيما في حصن كيفا - لاستدعائه إلى مصر. وبهذه الإجراءات السريعة الحكيمة أنقذت مصر من أزمتها، وسارت الأمور سيرا طبيعيا.
ووصلت أخبار موت السلطان - رغم كتمانها - إلى الفرنسيين في دمياط، فانتهزوا الفرصة وبدءوا زحفهم نحو الجنوب حتى وصلوا إلى المنصورة، فعسكروا شمال بحر أشموم، وأصبح هذا البحر حاجزا بين معسكرهم ومعسكر المسلمين، وبدأ كل من الفريقين يستعد للمعركة الحاسمة.
أما الفرنج فقد بدءوا يحصنون معسكرهم فحفروا حوله - كعادتهم - خندقا وأقاموا سورا وستروه بالستائر، ونصبوا المجانيق، وأتت شوانيهم فوقفت بإزائهم في النيل، وأما المصريون فكانوا مطمئنين إلى مدينتهم وحصانة موقعهم، فأخذوا يناوشون الفرنج ويتحيلون في اختطافهم وأسرهم، وكانوا يفتنون في مناوشاتهم ويأتون فيها بكل طريف. وقد روى بعض المؤرخين أن جنديا مصريا قور بطيخة وحملها على رأسه وغطس في الماء حتى حاذى الفرنج، فظنه بعضهم بطيخة ونزل لأخذها، فشطره المصري بسيفه وحمله إلى معسكر المسلمين.
ورأى ملك الفرنسيين أنه لا يستطيع الغلبة على المصريين إلا إذا التحم معهم في معركة، ولا سبيل إلى هذا وبحر أشموم يفصل بينه وبينهم؛ ففكر في بناء جسر على هذا البحر ليعبر عليه جنوده إلى البر الآخر، وصدرت الأوامر بإقامة هذا الجسر، ولكن الفرنسيين لم يكادوا يتمون بضعة أمتار من الجسر حتى تساقط عليهم وابل من قذائف المسلمين ردهم على أعقابهم، فرأى الملك أن يبني برجين زودهما بالقذائف والقاذفين لحماية العمال الذين يعملون في البحر، وعاد الفرنج إلى عملهم يبغون إتمام الجسر للعبور عليه، ولكن المسلمين استطاعوا بمهارتهم الحربية وخطتهم الموفقة أن يفسدوا على أعدائهم عملهم، فكان الفرنج كلما أتموا من جسرهم مترا هدم المسلمون أمتارا أمامه في شاطئهم المقابل، فاتسع المجرى من جديد. يقول جوانفيل - مؤرخ الحملة وأحد فرسانها: «فكانوا يفسدون علينا في يوم واحد ما كنا ننجزه في أسابيع ثلاثة.»
Página desconocida