311

Mujaz

الموجز لأبي عمار عبد الكافي تخريج عميرة

Géneros

ومعنى ذلك: أنه متفضل على خلقه برحمته، يصيب بها من يشاء من عباده، على غير استحقاق منهم، ولا استيجاب، ولا يظلم بالعذاب فيؤاخذهم على غير ما عملوا، أو يعذبهم على ما لم يفعلوا، وليس هذا من الذي قلنا بأنه يثيب أولياءه بأعمالهم على ما وعدهم، ويعاقب أعداءه على ما توعدهم في شيء.

ومسألة إيانا بأن قال: لم جعلتم ما توعد به من العقاب أمضى وأنجز من الذي وعد به من الثواب، مسألة ساقطة ومعارضة واهية من وجوه كثيرة؛ وذلك أنه لا يخلو ما سأل عنه في هذا المعنى من وجوه ثلاثة: إما أن يكون الله عز وجل يجمع لهم الثواب والعقاب جميعا، فيكونون معذبين مثابين في حال واحدة، فهذا من أمحل المحال الذي لا يتوهم وجوده، أو يكون يقدم أحدهم على الآخر، فيكون المقدم منقطعا زائلا، والمؤخر متصلا باقيا، فأيهما المتصل وأيهما المنقطع؟ فكل ما ثبت من ذلك دون الآخر فهو دعوى منه بغير دليل، فمن أراد أن يثبت دعواه بغير دليل أو بما لا تثبت به الدعوى فهو متحكم.

والوجه الثاني أن يكون الله أثاب على بعض الطاعات، وترك العقوبة على بعض المعاصي، فإنا لسنا نجد للثواب على شيء من فعل الطاعات وجها، إلا بأن يكون المثاب ليس معه من فعل المعاصي التي توعد الله عليها العقاب، وأما إذا كان معه من فعل ما توعد الله عليه العقاب فلا؛ لأن في ذلك إبطال وعيد الله عز وجل وتكذيب خبره، فلما بطل هذان الوجهان لم يبق إلا الوجه الثالث بأن يكون المثاب ليس معه فعل شيء مما توعد الله عليه العقاب، فيكون الثواب حينئذ للمؤمنين المستكملين الإيمان على ما وعدهم، كيف وعدهم، والعقاب للكافرين الراكبين ما وعدهم عقابه عليه، فهذا الذي قلنا.

Página 115